للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذه المظاهر:

١ - ينشط في العبادة إذا أحس برؤية الناس له ويتمها، وإذا شعر أنه لا يراه أحد ربما نام عن العبادة أو أداها بكسل وفتور وعدم اتقان لها.

٢ - إذا أدى منسكاً من مناسك الحج أو العمرة ومعه أحد أتقنه وأتمه وحرص على تطبيق السنن، وإذا كان وحده لا يفعل ذلك بل يتساهل في أداء العبادة ولا يتقنها كما كان في المرة الأولى؛ لأنه هناك يراه أصحابه فلا يريد أن يظهر أمامهم بمظهر المتساهل المفرط، ولأنه يحب مدح الناس وثناؤهم عليه، فينشط من أجل رؤية الناس له ويريد أن يسمع ثناؤهم عليه.

وهذا من الشرك الخفي الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» (١).

٣ - ومن أخطر مظاهر الرياء والسمعة وعجب الإنسان بعمله ما يحدث في وسائل التواصل الحديثة من خلال النقل المباشر لما يقوم به الشخص من مناسك الحج والعمرة، فتجد هؤلاء قد أغرقوا انفسهم في بحر لجي يغشاه الموج من كل مكان بحر الرياء والعجب وحب ثناء الناس عليه انهم ينقل لهم بث مباشر أو مسجل وهو يرتدي ملابس الإحرام وهو يلبي وهو يطوف ويصلي وهو يسعى وفي عرفات ومزدلفة وعند رمي الجمار وهو يكبر ويقرأ القرآن وكأنها رحلة سياحية للترفيه عن النفس، ونسي أو فتن بأصحاب السوء الذين يشجعون على ذلك أن هذه عبادات لا تقبل عند الله إلا إذا أريد بها وجه وحده لا شريك له، اما ما يفعله هؤلاء بعمل ما يسمى ب (السّلْفِي) أمام الكعبة وهو يطوف وأنا في الشوط كذا أو هو خلف


(١) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١٤٠٦) ح (٤٢٠٤)، والحاكم (٤/ ٣٦٥) ح (٧٩٣٦) وصححه ووافقه الذهبي، وحسن إسناده البوصيري في زوائد ابن ماجه (٤/ ٢٣٦) ح (١٥٠٥)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١١٩) ح (٣٠).

<<  <   >  >>