للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العراق والسند، من طرف الشعوبيين والمتشيعين، فقالوا بأن ثقيف هو قسي بن منبه بن النبيت بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن أياد بن نزار وهو أبو قيس عين أبي رغال (١)، الذي أرشد جيش أبرهة الحبشي إلى مكة في عام الفيل .. !!

ثم نقف عند هذه الرواية قليلًا لنقول بأن أبرهة غزا مكة عام الفيل أي عام ٥٧١ م، وهو العام الذي ولد فيه سيد البشرية محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا التاريخ كانت ثقيف أقوى القبائل العربية وأعتاها وأمنعها وأغناها، وكانت المنافس التقليدي الأوحد لقريش فكيف يكون أبو رغال أبًا لجد هذه القبيلة العظيمة، إلا أن يكون الحقد والحسد قد لازما كثيرًا من المؤرخين زمن الدولة العباسية، فما أنصفوا ثقيفًا ولا رجالها بل تحاملوا عليهم، ولم يسلم منهم لا الحجاج بن يوسف ولا سواه من القادة.

ومما تأكد عندي أن أبا رغال كان عبدًا لثقيف وقد أبق وقاد أبرهة إلى مكة، وزامن هذا الحدث قمة التنافس بين ثقيف وقريش على الزعامة والرئاسة وأحداث سوق عكاظ غير بعيدة، ولهذا غَضَّت ثقيف الطرف عن غزو أبرهة بواسطة زيد بن مخلف (أبو رغال)، وهي تتطلع إلى هزيمة منافستها وكسر شوكتها، ولم يكن البيت الحرام في بآل القبائل آنذاك، ولهم من الأصنام مُتَعَبَّد في كل قبيلة، يقول الدكتور جواد علي: "في رأيي أن معظم هذه الروايات التي تنسب ثقِيفًا إلى ثمود أو إلى أبي رغال إنما وضعت في الإسلام بغضًا (٢) من الحجاج الذي عرف بقسوته". ويؤكد هذه المغالطات أيضًا رأي لياقوت فيقول (٣): "فقد كان الثقفيون أغبط العرب عيشًا نتيجة خصوبة أرضهم ورخاء عيشهم مما جعلهم مطمعًا للقبائل


(١) الطائف في العصر الجاهلي ٦١.
(٢) تاريخ العرب قبل الإسلام ١/ ٣٢٦.
(٣) معجم البلدان "الطائف".

<<  <  ج: ص:  >  >>