لمحة تاريخية عن بني سُلَيْم في الدولتين الأموية والعباسية وانتقالهم للدولة الفاطمية
في عهد الدولة الأموية أهم الأحداث التي مرت ببني سُلَيْم هي عدم اعترافهم بمروان بن الحكم الأموي، وقد نشبت حروب وفتن حينئذ قتل منهم عدد كبير، وقد استقر قسم منهم بعد هذه الأحداث في غرب الجزيرة، وسمح لمائة أسرة بالرحيل إلى مصر، وبهذلك لبعض الأُسَر للرحيل إلى حمص بسوريا عام ١٠٩ هـ - ٧٢٧ م، ولما أن سُلَيمًا كانت بادية وعندهم عدد كبير من الخيل الصافنات الجياد وليس في بلادهم في الحجاز إلَّا قليلًا من زرع أو تجارة أو شيء من هذا القبيل يشغلهم، فقد اشتهروا بالاعتداء على الحجاج ونهبهم، واشتركوا في حوادث سلب للتجار في طرق القوافل القادمة لبلاد الحجاز، وهاجموا المدينة المنورة ونهبوا وسلبوا منها، وأبرز حادثة سجلها التاريخ كانت في عام ٢٣٠ هـ/ ٨٨٤ م في عهد الدولة العباسبية، وكانت كتائب الجيش تُرسل من بغداد عاصمة بني العباس إلى المارقين من سُلَيْم لتأديبهم بالقتل والأَسر دون جدوى.
وعند ظهور القرامطة في البحرين والإحساء سارع معظم سُلَيْم وبعض هَوَازِن إلى مناصرتهم بغضًا وكرهًا للعباسيين في بغداد، وقد صاروا جنودًا وأعوانًا لأبي الطاهر وبنيه أمراء البحرين، ثم صاروا معه في عُمان وبلاد الخليج وتحالفوا وقتئذ مع (بني عُقَيْل) ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، ثم لما انقرض أمر القرامطة تغلَّب بنو سُلَيْم على نواحي البحرين لما أنهم على دعوة القرامطة (الشيعة)، وفي أيام بني بويه في فارس ظهر بنو الأصفر من تَغْلِب وتغلبوا علي بلاد البحرين وما حولها بدعوة العباسية، ثم تحالف بنو الأصفر مع بنِي عُقَيل علي بني سُلَيْم وطردوهم من البحرين وما حولها من المواضع، فدبَّت الفوضى والاضطراب بينهم وتشتت أمرهم لما أن القرامطة قد انتهت دعوتهم، وقد استَعْدُوا بني العباس عليهم لميلهم لهؤلاء القرامطة الذين شقوا عصا الطاعة، وكان ذلك إيذانًا بعهد الشقاء الذي عاناه بنو سُلَيْم من سكان الجزيرة العربية، وهذا كان في الربع الأخير من القرن الرابع الهجري، وتفرَّق بنو سُلَيْم بعضهم ظل في بلاد الخليج والإحساء، وبعضهم ظل في ديار سُلَيْم وهم القلة، وأما معظم بطون سُلَيْم فقد قرروا مغادرة الجزيرة العربية إلى مصر بعد أن رغَّبهم الفاطميون في ذلك، وحذا حذوهم بنو هلال بن عامر ومن تبعهم من