وفي عام ١٣٧١ هـ عين رسميًّا في إمارة جازان وظل على رأس العمل حتى وافاه الأجل يوم ٤/ ١١/ ١٣٩٧ هـ في مسقط رأسه (الغاط) رحمه الله رحمة واسعة وعين ابنه الأمير محمد بن تركي السديري أميرًا على منطقة جازان خلفا لوالده ولا زال معاليه على رأس العمل يتمتع بسمعة طيبة لا مثيل لها وفيه الكثير من صفات والده الحميدة.
وأعمامه الكرام الذي لَمْ نتمكن من الحصول على كامل تراجمهم مثل الأمير عبد العزيز بن أحمد السديري - رَحِمَهُ اللهُ - والأمير عبد الرَّحمن بن أحمد السديري، ولو أنهم وأحفادهم أشهر من أن يعرفوا لما قدموه للوطن من خدمات جليله سوف لا تنسى؛ لأنَّ أبناء الأمير أحمد بن محمد السديري جميعهم صاروا مثله في الوطنية الحقة والشجاعة النادرة وعلو الهمة، وكذلك فإنهم شعراء مجيدون لا يباريهم أحد في ذلك.
[و - محمد بن أحمد بن محمد السديري (أبا زيد)]
صاحب خصال حميدة ومزايا عديدة، ولد رحمه الله بليلى بمنطقة الأفلاج سنة ١٣٢٦ هـ. عندما كان والده واليا على تلك الجهات ولما بلغ الرابعة من عمره انتقل مع أهله إلى بلدتهم الأصلية - الغاط - وقد عمل والده على تعليمه مع إخوته وأوكل لهم من يقوم بذلك. علاوة على ما يتلقاه على أيدي الكتاتيب الموجودة بالغاط، حفظ ما تيسر له من القرآن والأحاديث وبعض علوم النحو والحساب حتى صار متعلما، ولما قوي وكبر علَّمه أبوه ما كان عليه وإخوته من شجاعة وإقدام صفتان تلازمان كل من يرى بنفسه الكفاءة لخوض غمار الحياة. ولأن السديري ولد وترعرع في وقت مليء بالأحداث ذلك أن الملك عبد العزيز طيب الله ثراه كان قد بدأ بإعادة توحيد البلاد منذ عام ١٣١٩ هـ. ولم تهدأ الأوضاع تمامًا إلَّا في أواخر الأربعينيات الهجرية، وقد استفاد من ذلك لأن السديري وإخوته الكرام ليسوا بمنأى عن تلك الأحداث بل هم على رأسها (١).
وحين يسر الله الأمر للبطل عبد العزيز وتوحدت البلاد وأعلنت المملكة العربية السعودية دولة مستقلة موحدة سنة ١٣٥١ هـ عُيِّن الأمير محمد الأحمد
(١) انظر أخبار السداري مع الدولة السعودية لعبد الله فلبي.