للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمير (*) بن الجعد الخزاعي

خرج عُمَير بن الجَعْد بن القَهْد الخزاعي من ذي غُلائل، بمائة من كعب بن عمرو حتى صبحوا بني لحيان بالحُشاش، يوم حُشاش، فوجدوا الناس غَيْر مُفترقين، وعُمير صاحب الرَّاية، فاقتتلوا، فقتلتهم بنو لحيان، ولم ينج منهم أحد إلا عمير، وعمير صاحب الراية، تلفَّت حين رأى أصحابه قد قُتلوا ثم قال: من ذو حاجة في أهل غلائل؟ ثم رمى بالراية وأعجز، فقال في ذلك عمير بن الجعد حين أعجز:

صَدَفَتْ أُمَيمَةُ لاتَ حينَ صُدُوفِ … عَنِّي وآذَنَ صُحْبَتي بخُفُوفِ (١)

أأَمَيْمَ هَلْ تَدْرينَ أَنْ رُبَّ صَاحبٍ … فَارَقتُ يَوْمَ حُشَاشِ غَيْرِ ضَعيفِ

يَسَرٍ إذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَمُطَعِم … للَّحْمِ غَيرِ كُبُتَّة عُلْفُوفَ (٢)

يُرْوي النَّدِيمَ إذَا تَنَاشَى صَحْبُه … أُمُّ الصَّبيِّ وَثَوْبُهُ مخْلُوفُ (٣)

لَمَّا رَأَيْتُهُمُ كَأنَّ نِبَالَهُمْ … بالجزْعِ منْ نَقَرَى نِجَاءُ خَرِيفٍ (٤)

وَعَرَفْتُ أَنْ مَنْ يَثْقفُوهُ يَترُكُوا … للضَّبْعِ أَوْ يَصْطَفْ بشَرِّ مَصيفٍ

أَيْقَنْتُ أَنْ لا شَيْءَ يُنْجى منْهُمُ … إِلَّا تَفَاوُتُ جَمِّ كُلِّ وَظيفِ (٥)

رَفَّعْتُ رِجْلا لا أخَافُ عِثَارَهَا … ونَجَوْتُ مِنْ كَثَبٍ نَجَاءَ خَذُوفِ (٦)


(*) ورد اسمه في حماسة البحتري ص ٦٧، ومعجم الشعراء ص ٥٧ عمرو بن جعدة بن فهد بن عبد اللَّه الخزاعي، أما في أشعار الهذلين ١/ ٤٦٣ وفي معجم البلدان، ورد اسمه عمير بن الجعد بن الفهد الخزاعي (معجم ٢/ ٣٠٢ و ٥/ ٣٤٥) والقصيدة كاملة في ديوان الهذليين.
(١) صدفت: أعرضت، كأنه جاء طيفها، خُفوفٌ، رحيلٌ.
(٢) اليَسَرُ: واحد الأيسار وهو صاحب الميسر، يريد أن ييسر في الشتاء ويقامر ويطعم اللحم. وكُبُنَّة: جاف. والعلفوف: الجاني أيضًا.
(٣) تناشى: يريد انتشى. يقول: إذا انتشى أصحابه وتغافلوا عن الشراب اشترى هو فأرواهم. وقوله وثوبه مخلوف: والمخلوف الذي إذا بلي وسطه قطع من وسطه، ثم جمع رأساه يقال: أخلف ثوبك، أي لا يزال يعطي توبه ويهبه. (والبيت فيه إقواء).
(٤) يقول: كأن نبالهم مطر الخريف، من شدته وتتابعه وكثرته وسرعته.
(٥) تَغَوُث: تعاون. وَظيفُ الساق: عظمه. تغارث: يُغيثه. وجَمُّ الوظيف ما جَمَّ من عَدوه. يقول: علمت أنه لا ينجيني منهم في هذه الحال شيء إلا العدو الشديد، وأن يخرج كل وظيف لي ما جم من عدوه.
(٦) خَذُوفٌ: أتان سمينة. ويروي: "إن النجاء لراهب معروف". راهب: خائف ويقال: خذوف: تخذف بالحصا إذا عدت.

<<  <  ج: ص:  >  >>