للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الثلما الماء المعروف. وإنما بسطت عدهم وتسميتهم لأن هذا المناخ جمع العربان وتنافرت فيه القرابات كل له شأن، فوقع بينهم الحرب الشديد الذي يشيب من هوله الوليد وتبارزت فيه فرسانهم وتعانقت شجعانهم وعملوا لأهل البنادق المتاريس، فعلا دخان البارود بينهم ودام كل لضده حارس، وعقلوا إبلهم في هذا المناخ حتى أكلت الدمن وغلا الطعام حتى بيع عندهم بأوفر ثمن، واستمر ذلك المناخ والقتال نحو أربعين (١)، ثم ولت بعد ذلك قبائل عَنَزة منهزمين (٢). انتهى قول ابن بشر.

قلت: وهذه الحرب من الحروب المنكرة عند القبائل إذ انضم كل قبيلة إلى أعدائه التقليديين ضد بني عمه، ولا بد أن هناك أسبابًا لهذا التحالف لم يوردها المؤلف ويبدو من سياقه أنه لا يعلم السبب هو أيضًا.

[محمد علي باشا يجرد على حرب]

وفي سنة (١٢٥٥ هـ) عصت بعض القبائل من حرب فجرد عليها محمد علي باشا حملة من مصر قوية بقيادة سليم باشا إطزبير، فسارت الحملة حتى عسكرت في الغاربة والخيف، ثم تغلب على كثير من الخيوف فنهبت ما فيها وأحرقت زروعها ونخيلها وشتت شمل المقاتلين، حتى لاذوا بالفرار وتحصنوا برءوس الجبال، وشرعوا يقطعون الطوق في جهات متفرقة من باديتهم.

وظلت الحملة تعسكر فيما امتلكت من الخيوف طيلة عام ١٢٥٥ هـ وبعض عام ١٢٥٦ هـ، وقاست المدينة المنورة من جراء انقطاع الطرق في هذه الأثناء ضيقًا شديدًا، واشتد غلاء الأسعار فيها حتى بلغ قيمة الأردب من القمح ثلاثين ريالًا (٣).


(١) كذا في الأصل ولعله يقصد أربعين يومًا.
(٢) عنوان المجد ج ٢ - ٥٠، ٥١.
(٣) تأريخ مكة للسباعي ج ٢ - ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>