للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الفتح أولا وعلى كثرة أعداد هذه الجماعات وأفرادها كثرة عظيمة بحيث كانت كافية لتوطيد السلطان العربي والطابع العربي في المغرب من جهة وفرز جماعة كبيرة منها تكفي لفتح الأندلس وتوطيد السلطان العربي والطابع العربي فيها من جهة أخرى.

وإذا لاحظنا أن عبد الرحمن الأموي الأول حينما دخل الأندلس في الثلث الأول من القرن الثاني الهجري استطاع أن يقيم دولة قوية السلطان عدتها الأولى والأقوى العرب وأن هذا قد استمر كذلك طيلة القرون الثلاثة التي ظلت هذه الدولة قائمة موطدة فيها، وأن الطابع العربي كان هو القوي البارز الذي طبع هذا الإقليم طبعا شاملا قويا بدا لنا مقدار ما كانت عليه هذه الكثرة وما تيسر لها من النمو الذي ازدادت به كثرة فوق كثرة، ولقد ذكر المؤرخون ما كان من كره عرب الشام لقيام الدولة العباسية وخاصة بعد أن بدا فيها من قوة النفوذ الفارسي ما بدا وما كان من كثرة تمردهم وتبييضهم (١)، والمرجح إن لم نقل المحقق أن كثيرا من الذي عرفوا بتواثقهم مع الأمويين قد نزحوا من الشام إلى الأندلس وتوطنوا فيها بعد أن استقرت الدولة الأندلسية فيها فازداد بهم الدم العربي قوة إلى قوة.

على أن السيل لم ينقطع عن إفريقيا أيضًا خلال القرنين الثاني والثالث، فقد ذكر المؤرخون أن قبائل عديدة من بني أسد وبني تميم وبني سعد قد جاءت إلى المغرب الأوسط في عهد الأغالبة التميميين حينما توطدت لهم الإمارة في هذا المغرب ١٨٦ - ٢٩٦ هـ على ما سوف نذكره بعد وتوطنت فيه (٢).

موجة بني هلال وبني سُلَيْم

ثم كانت الموجة العربية الكبرى في القرن الخامس الهجري إلى المغرب الأوسط التي كان عنصرها الأقوى والأعظم بني هلال وبني سُلَيْم، وقد كان لها


(١) هذا التعبير قد استعمله المؤرخون والراجح أنه يعني رفع الرايات البيضاء شارة الأمويين بدلا من الرايات السوداء شارة العباسيين كعلامة على التمرد على هؤلاء.
(٢) انظر تاريخ الجزائر العام للعكاك ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>