فقال عمر: يا جرير، والله لقد وليت هذا الأمر، وما أملك إلا ثلاثمائة، أخذها عبد الله ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام أعطه المائة الثالثة.
فقال جرير: والله، إنها لأحب مال كسبته.
ثم خرج، فقال له الشعراء: ما وراءك؟
قال: ما يسوه الشعراء، خرجت من أمير يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض.
كانت بين جرير والفرزدق مهاجاة ومناقضات لم تكن بين شاعرين عربيين قبلهما ولا بعدهما، ومات الفرزدق سنة ١١٠ هـ فلما بلغ جريرا خبره بكى وقال: كان نجمنا واحدا وإني لأعلم أني قليل البقاء بعده وكل واحد منا مشغول بصاحبه وقلما مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه، ومات جرير بعد أشهر من موت الفرزدق، مات باليمامة وخلف عقبا كثيرا منهم نوح وبلال وعكرمة وحرزة.
وكان الشعراء الذين عاصروه يحاولون الحط من مكانته وشعره - وهم كثيرون - لكنه كسفهم كلهم إلا الفرردق.
وقال جرير يرثي الفرزدق:
لعمري لقد أشجى تميما وهدها … على نكبات الدهر موت الفرزدق
عماد تميم كلها ولسانها … وناطقها البذاخ في كل منطق
وهناك ديوان شعري لجرير لمن أراد الاطلاع على شعر عَلَمٍ من أعلام الشعر خلده التاريخ، وقلما يحدث تكراره.
[٢٥ - بلال بن جرير]
ابن عطية الخطفي (١) من بني كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وهو حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع. كان شاعرا ولكن ليس كأبيه جرير. وهو القائل: