للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمكنه من الارتحال دون أن يتأثر قومه، فأمر أصغر أولاده بأن يتشاجر معه أمام الناس، وإذا أغلظ عليه ولطمه رد عليه اللطمة، ففعل ابنه ذلك فقال عمرو: "لا أقيم ببلد لطم فيه وجهي أصغر ولدي" ثم باع أملاكه لأشراف اليمن من حِمْيَر ونزح. فقالت الأزد: "لا نتخلف عن عمرو بن عامر" وخرجوا معه، وافترقوا إلى ست وعشرين قبيلة (١) منها غسان وجفنة والأوس والخزرج وخُزَاعة ومازن وثمالة وزهِرّان وغامد وألمع ووالبة وبارق. فنزلت الأوس والخزرج يثرب "المدينة"، ونزلت خُزَاعَة بطن مر بالقرب من مكة المكرمة، ونزل أزد عُمان عُمان، ونزلت زهران وغامد مرتفعات السراة.

وأنا أعتقد أن هذا السبب ليس كافيًا لنزوح الأزد من اليمن، وأرى أن السبب الصحيح هو ما رواه خير الدين الزركلي (٢) ومؤداه أن دولة سبأ ضعفت في عهد عمرو بن عامر، فتغلب بدو كهلان على أرض سبأ، وعاثوا فيها فسادا فذهب الحفظة القائمون بأمر السد، وأهمل أمره، فتصدع وخرب وبدأت هجرة الأزد من تلك الديار برفقة عمرو بن عامر، ونزلوا بماء غسان، ثم انتقلوا إلى وادي عك، وفيه مرض عمرو ومات، فتفرق الأزد في البلاد.

[نسب زهران ومنازلها]

زهران قبيلة أزدية قحطانية تنتسب إلى جدها الأكبر زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد اللَّه بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (٣) وقد أنجب زهران بن كعب ستة أولاد هم: عبد اللَّه ونصر والنمر ومالك وعبره وصقل (٤) ومن نسلهم تكونت قبائل زهران، وهي اليوم من أكبر القبائل في بلاد عسير (٥)، وتقع ديارها في أواسط جبال الحجاز وتهامة بمحاذاة الليث شرقًا، ويحدها شمالًا


(١) جواد علي - تاريخ العرب قبل الإسلام - ج ٤ - ص ٢٦٠.
(٢) المصدر السابق - ص ٢٤٩.
(٣) الطبري محمد بن جرير - تاريخ الرسل والملوك - ج ١ - ص ٦١٣.
(٤) ابن حزم الأندلس - جمهرة أنساب العرب - ص ٣٧٩.
(٥) الزركلي خير الدين - الأعلام - ج ٣ - ص ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>