للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يزل ذلك البناء على حاله حتى بنت قريش الكعبة فسمي ذلك السيل (سيل فارة) (١).

[ديانة خزاعة في الجاهلية]

فكان أول من غير دين إسماعيل عليه السلام، ونصب الأوثان، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وبحَّر (٢) البحيرة، وحمى الحامية (٣)، عمر بن ربيعة، وهو لُحيُّ بن حارثة بن عمرو بن عامر الأزدي، وهو أبو خزاعة.

وكانت أم عمرو بن لُحيُّ فُهيرةُ بنت عمرو بن الحارث، ويقال: قمعة بنت مُضاض الجرهمي.

وكان الحارث هو الذي يلي أمر الكعبة، فلما بلغ عمرو بن لُحَيَّ نازعه في الولاية وقاتل جُرهمًا ببني إسماعيل، فظفر بهم وأجلاهم عن الكعبة، ونفاهم من بلاد مكة، وتولى حجابة البيت.

ثم إنه مرض مرضًا شديدًا، فقيل له: إن بالبلقاء من الشام حَمَّةٌ إن أتيتها تبرأت، فأتاها فاستحم بها، فبرأ، ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال ما هذه؟ فقالوا: نستقي بها المطر، ونستنصر بها على العدو، فسألهم أن يعطوه منها، ففعلوا، فقدم بها مكة ونصبها حول الكعبة (٤). وإن الأصنام التي أحضرها عمرو ابن لُحَيَّ هي خمسة أصنام "ود - سواع - يغوث - يعوق - نسر" (٥).

وقام بتوزيعها بعد أن وصلت بسلام وأجابت عمرو بن لُحَيَّ مُضر بن نزار، فدفع إلى رجل من هُذيل يقال له الحارث بن تميم بن سعد بن هُذيل بن مدركة بن


(١) أخبار مكة ١/ ١٦٦ - تحيط بمكة جبال صخرية شاهقة قلما ينفذ الماء اليها، أو تقوى على إمساكها، فإذا هطلت الأمطار بشدة انحدرت المياه إلى الوديان بسرعة فكونت منها سيولا تنساب في أزقتها وشوارعها ولكثر ما تأتي هذه السيول من جهة الأبطح وتنحدر من منى، ومن الجبال القائمة في جهة العدل في طريق الطائف.
(٢) بحر: فمعناه شق الأذن للناقة تنجب خمسة أبطن - وسيأتي شرح ذلك فيما بعد.
(٣) الحامية: الحامي: فحل الإبل فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى.
(٤) كتاب الأصنام/ ٨/ انظر السيرة النبوية ١/ ٧٦، ٧٧.
(٥) كتاب الأصنام/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>