للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) يوم شِعْب جَبَلَة

لما نشبت العداوة بين عبس وذبيان من غَطَفَان في حرب داحس والغبراء، خرج بنو عبس من ديارهم، وعلى رأسهم الربيع بن زياد العَبْسي وأخوه عامر، وقيس بن زهير بن جُذيمة، وفيما هم سائرون قال لهم الربيع: أما والله لأرمينَ العرب بحَجَرها، اقصدوا بني عامر.

وساروا حتى نزلوا مضيقًا من وادي بني عامر، ونزلوا على ربيعة بن شكل الكعبي العامري - وكان العقد من بني عامر إلى بني كعب (١) بن ربيعة - فقال ربيعة بن شكل: يا بني عبس؛ شأنكم جليل، وذَحْلكم (٢) الذي يُطلب منكم عظيم، وأنا والله أعلم أن هذه الحرب أعز حرب، ما حاربتها العرب قط، فامهلوني حنى أستطلع طِلع (٣) قومي.

وخرج في قوم من بني كعب، حتى نزلوا على الأحوص بن جعفر الكلابي العامري، فذكروا له من أمر عبس، فقال الأحوص لربيعة بن شكل: أأظللتَهم ظِلَّك، وأطعمتَهم طَعَامَك؟ قال: نعم، قل: قد والله أجرتَ القوم!

ثم جاء الربيع بن زياد العبسي وقيس بن زهير العبسي إلى الأحوص - وكان رجلًا شيخًا - فتقدَّم إليه قيس وأخذ بمجامع ثوبه من وراء فقال: هذا مقام العائذ بك، قتلْتم أبي (٤) فما أخذتُ له عقلًا (٥) ولا قَتلتُ به أحدًا، وقد أتيتك لتُجيرنا. فقال الأحوص: نعم؛ أنا لك جارٌ مما أُجير منه نفسي.

وكان لقيط بن زرارة سيد بني تميم قد عزم على غزو بني عامر للأخذ بثأر أخيه مَعْبد (٦)، وبينما هو يتجهز إذ أتاه الخبر بحلف بني عبس وبني عامر.

وكان لقيطٌ وجيهًا عند الملوك، فذهب إلى النعمان بن المنذر يستنجده، وأطمعه في


(١) بنو كعب بطن في بني عامر ومنهم ربيعة بن شكل.
(٢) الذحل: الثأر.
(٣) أطلعته طلع أمري: أثثته سري.
(٤) قتله خالد بن جعفر العامري في يوم النفراوات.
(٥) العقل: الدية.
(٦) قتله بنو عامر بن صعصعة صبرًا يوم رحرحان.

<<  <  ج: ص:  >  >>