للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: مواطن هُذَيْل في الإسلام

يذكر بعض المؤرخين أن هُذَيْلًا تفرقت بعد الإسلام على الممالك، ولم يبق لهم في الجزيرة العربية حي يطرق (١).

وهذا كلام فيه كثير من المبالغة والشطط، فالحق أنه إن كان كثير منهم قد فارقوا الحجاز وتهامة إلى بلاد الإسلام الأخرى، فإنه - مع هذا - قد بقي عدد منهم في منازلهم بالحجاز بعد الإسلام؛ ففي صلة تاريخ الطبري أن الجنّابي زعيم القرامطة صعد إلى سطح الكعبة ليقلع الميزاب؛ فرماه بنو هُذَيْل الأعراب من جبل أبي قبيس بالسهام فأزالوهم عنه (٢).

وفي الرحلة الحجازية للبتانوني نجد أن هُذَيلًا لا تزال تسكن الجبال بين مكة والطائف، وأن عددها الآن يناهز عشرة آلاف نفس، وأن بني لحيان بين مكة وجدة، وعددهم ألف وخمسمائة (٣).

والدكتور هيكل في تطوافه ببادية الطائف يطلعنا على أن بعض الجبال في هذه الجهات - ومن بينها جبال الطلحات - يقيم فيها قبائل الطلحات إحدى بطون هُذَيْل في هذا العصر (٤).

فالحق أن هُذَيْلًا - أو ما بقي منها في بوادي الحجاز بعد الإسلام - لا يزالون يسكنون في مواطنهم القديمة منذ العصر الجاهلي، وإن كان من المحتمل أن يكونوا قد انحسروا على بعض هذه المواطن (٥). ولكنهم مع ذلك لا يزالون يحتلون


(١) تاريخ ابن خلدون ٢/ ٣١٩. معجم القبائل العربية القديمة والحديثة ٣/ ١٢١٣.
(٢) صلة تاريخ الطبري (لعريب بن سعد القرطبي) ص ١٧٣.
(٣) الرحلة الحجازية ص ٥٢.
(٤) د. هيكل: في منزل الوحي (الطبعة الرابعة) ص ٣٧٩.
(٥) انظر الهمداني: صفة جزيرة العرب ص ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>