للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نبذة عن الخنساء السُّلَمية الشاعرة الشهيرة

كانت الخنساء من نساء العرب الخالدات في التاريخ، وديوان شعرها من أجمل دواوين الشعر، والخنساء لقب لها واسمها تُماضر بنت عمرو بن الشريد (١) السُّلَمي سيد قومه وعظيم أهله، وأخواها صخرًا ومعاوية كانا من أجرأ وأشجع شباب العرب وأكثرهم إقدامًا وفروسية، واشتهرت الخنساء وعلا صيتها كشاعرة من فحول الشعراء، وقد تفوقت على كثير من جهابذة الشعر، وكان يعرفها القاصي والداني وأكثر شعرها رثاء لأخيها صخرًا، وضربت الخنساء في مجال الشعر والرثاء والتصدي بأكثر من سهم، وقال فيها جرير ذات مرة: والله إني لأشعر الشعراء لولا هذه الخبيثة! يقصد الخنساء، أما بشَّار بن برد فقد قال: لم تقل امرأة قط شعرًا إلا تبين الضعف في شعرها، فسألوه وهل الخنساء كذلك؟ فإذا به يقول: الخنساء فوق الرجال!!، وقال المبَّرد: إن أعظم النساء في الشعر هما ليلى الأخيلية (٢) والخنساء السُّلَمية.

وهاجرت الخنساء إلى المدينة المنورة وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعلنت إسلامها وكان الرسول يستمع إلى شعرها ويطرب له وقد تعود - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لها: "هيه يا خُنَاس" أي أحسنت وأبدعت بفصاحتك هاتي ما عندك، وقيل أن الخنساء ظلت تقول الشعر والرثاء في أخيها صخرًا وتبكي عليه فقدم عليها الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في موسم من مواسم الحج ونهاها عن العويل والبكاء الذي يأباه الدين الإسلامي والشريعة السمحاء.

وخرجت الخنساء في كثير من الغزوات مع العرب المسلمين وصحبت الجيوش الظافرة في مسيرها، وسميت "بأم الشهداء" لما أنها حرضت أولادها الأربعة على الخروج مرة واحدة للجهاد وإعزاز دين الله الحق، وقد نالوا الشهادة جميعًا في معارك القادسية مع الفُرس والتي انتصر فيها العرب نصرًا حاسمًا وأصبح أمامهم الباب مفتوحًا لتحرير العراق من نير الفُرس المجوس، ثم فتح فارس


(١) ذكرهم ابن خلدون الشريد بن ثعلبة عُصيّة، وفي الجمهرة ذكرهم: (عمرو) بن يقظة بن عُصيّة، بنو الشريد بن يقظة بن عُصيّة بن خفات بن امرئ القيس بن ثعلبة بن بُهْثَة بن سُلَيْم كانت لهم حتى القرن الثامن الهجري في بلاد المغرب صولةَ وشوكة (العبر لابن خلدون - نهاية الأرب للقلقشندي).
(٢) ليلى الأخيلية من عُقيل بني عامر بن صعصعة من هوازن بن منصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>