للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ثقيف في الجاهلية]

لقد عرفنا في الفصل السابق - نشأة ثقيف، وأن ظهور هذه القبيلة قد تزامن مع ظهور قريش في مكة، وأنه عندما حلّ عام ٥٧١ م والذي ارتبط بحدثين كبيرين هما مولد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وغزو أبرهه لمكة، والذي عرف فيما بعد بعام الفيل، عندما حل هذا العام كانت ثقيف في أشد قوتها عددًا وعدة وسؤددًا في الحجاز، وارتبط اسم ثقيف بالطائف منذ ظهورها، حتى أصبحت الطائف ومكة متلازمتين تلازم ثقيف وقريش، وسماها القرآن إحدى القريتين، قال تعالى، {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (١)، أي وقال المشركون لولا أنزل هذا القرآن الذي أنزل على محمد، على رجل عظيم كبير في مكة أو الطائف.

قال المفسرون (يعنون الوليد بن المغيرة في مكة أو عروة بن مسعود الثقفي في الطائف) (٢).

والطائف هذه تحدثت عنها المراجع بما يظهر أنها كانت زاخرة بالخيرات من زراعة وموقع وهواء، وتوسط بين اليمن، ومكة، حيث ممر تجارة قريش إلى اليمن في الشتاء، ومنتجع كبير للأثرياء والأغنياء من مكة، حتى أغراهم ذلك فاشتروا عقارات وبساتين ومزارع.

وقد وصفها كثير من المؤلفين قديمًا وحديثًا بما يحسب لها ويشهد لثقيف بالبراعة والجد في تعميرها واستزراعها، وليس هنا مجال للحديث عن الطائف كمدينة، والذي يعنينا هنا أن الطائف قبل أن تسودها ثقيف كانت تسمى (وج) نسبة إلى وج بن عبد الحي أحد العمالقة الذي سكنوها (٣)، ثم سكنها بعد ذلك


(١) سورة الزخرف آية ٣١.
(٢) صفوة التفاسير ١٥/ ٤٥.
(٣) انظر معجم البلدان - الطائف، ومراصد الاطلاع ٨٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>