وقد ذكر الكاشف أنه رغم الاستعدادات التي قام بها القائد التركي أمين بيك للدفاع عن تبوك إلا أن الأمر أفلت من يديه، فسمع دوي الطلقات في الصباح الباكر والناس نيام إيذانًا ببدء الهجوم، وقد استخدم الشيخ كريم ومن معه من بني عطية أسلوب الكر والفر مع حامية تبوك تلافيًا للخسائر. وتم الاستيلاء علي تبوك وقلعتها وحسب ما ذكر السير روجنلد ويجنت (١) في وصفه حرب الحجاز في جريدة المقطم، فقد تم الاستيلاء على تبوك من قبل بني عطية وبعض المتطوعين العرب في ٢١ تشرين الأول عام ١٩١٨ م وأسر فيها أكثر من ٣٠٠ جندي تركي، وبذلك تم إنهاء الوجود التركي في منطقة تبوك، من قلعة المدورة شمالًا حتى محطة المعظَّم جنوبًا.
وقد وقعت خلال هذه التفرة التاريخية وقائع وغزوات وحملات كثيرة كان أبطالها فرسان وشيوخ قبائل وأبناء حمايل لم يذكرهم التاريخ إلا لمامًا، لكنهم نالوا نصيبهم من الشعر الشعبي الذي يرصد وقوع الأحداث ويؤرخ لها ويعدد صفات الفرسان ومناقبهم مفتخرًا بهم حينًا ومستاءً من تصرفاتهم أحيانًا تبعًا نلشاعر والقبيلة التي ينتمي إليها وموقفه من هذا الفارس أو ذاك.
[المشاركة في قمع حركة سلطان بن عدوان في الأردن]
لم يكن سلطان بن عدوان زعيمًا لقبيلته فحسب، بل كان زعيمًا تقليديًا لمنطقة البلقاء بما فيما بلدة السلط، والقى المحيطة بها، والعشائر النازلة حولها ومنها عشائر بني حسن، وبني حميدة، والعجارمة، والبلقاوية، والدعجة، ومن هنا كان سلطان العدوان يشعر أن زعامته تخوله إبداء الرأي في الأمور العامة للبلاد.
وبسبب المنازعات العشائرية القديمة بين بني صخر وبين العدوان، فقد كان سلطان العدوان يعتقد بأن الشريف عبد الله بن الحسين يقرب مشايخ بني صخر إليه أكثر منه. فأخذ يجهر بمعارضته للأوضاع القاتمة، ويتبنى مطالب أبناء المنطفة؛ وعندما بلغت الأمير عبد الله استعدادات ابن عدوان أرسل في طلبه، فحضر إلي
(١) جريدة العاصمة، العدد ٩٠، ٥ كانون الثاني، ١٩٢٠ م.