للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه استعظم أن تعقد مصاهرة بين بني دارم وبني عمرو بن تميم مع أن كلا الفريقين من بني تميم. وكل له كرامته ومنزلته في مجتمعه بين القبائل وإنما هذا التشامخ والتعالي من الفرزدق علي بني جنسه وبني عمه بما لا يليق. ودارم الجد السابع للفرزدق (١) ولا يضير الحبطات من بني عمرو بن تميم أن لا يتمتعوا بشهرة كشهرة المسامعة (٢) ولهذا رد عليه رجل من الحبطات فقال:

أما كان عباد كفينا لدارم … بلي والأبيات بها الحجرات

ويقصد بالأبيات التي بها الحجرات وبعباد (بني هاشم) أكفاء العباسيين. وهذه القصة أذكرها في هذا المقام، ما قصه علينا المبرد إذ قال: تحدث أصحابنا عن الأصمعي بن إسحاق بن عيسى قال: قلت لأمير المؤمنين - الرشيد - أو المهدي - يا أمير المؤمنين من أكفاؤنا، قال أعداؤنا - يعني بني أمية - وكانوا ينصحون لأبنائهم كما يختارون لبناتهم ويؤيد هذا ما روت كتب الأدب أن أكثم بن صيفي حكيم العرب أوصى أولاده فقال: لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب فإن المناكح اللئيمة مدرجة للشرف.

[نفورهم عن مصاهرة المناذرة]

ومن عزة نفوس بني تميم أنهم لما زوجوا علي بن أبي طالب وابنه الحسن رضي الله عنهما أبوا كل الإباء أن ينصاعوا لأوامر الملك المنذر بن ماء السماء، فقد قص علينا أبو عبيدة (٣) أن الملك خطب لرجل من أصحابه امرأة من بني زيد بن مالك بن حنظلة من بني تميم فأبوا أن يزوجوه إياهم فنفاهم، وفرقهم، فنزلوا مكة وفي هذا قال شاعر بني تميم الأسود بن يعفر:

ما بعد زيد (٤) في فتاة فرقوا … قتلا ونفيا بعد حسن تآد

فتخبروا الأرض الفضاء لعزهم … ويزيد رفادهم على الرفاد


(١) لأن الفرزدق بن غالب بن صعصعة بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم.
(٢) آل مسمع بيت بكر بن وائل في الإسلام وهم من قبائل ربيعة وانظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٣٤٧ - ٣٤٨.
(٣) انظر: ديوان الضبي ص ٤٥٠.
(٤) زيد: هو زيد مناة بن تميم بن مالك جد حنظلة والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>