للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القصة الثانية]

حينما شق على معاوية بن أبي سفيان، سقوط مقادم فمه، وكان عنده يزيد بن معن السُّلَمي قال له يزيد مُسليًا له: "والله ما بلغ أحد سنك إلا كره بعضه بعضًا، ففوك أهونُ علينا من سمعك وبصرك"، فطابت نفس معاوية بهذه الحكمة العفوية تخرج من فم هذا السُّلَمي الصديق الجريء المنطيق.

[القصة الثالثة]

هاجت الفتنة شعواء سنة ١٧٥ هـ في دمشق عاصمة الخلافة الأموية، فيما بين المُضَرية واليمانية، وكان سببها أن اليمانية قتلوا قيسيًّا، فلم تُنجدهم سُلَيْم، وإنما أنجدتهم قُضَاعْة اليمانية، لقد اعتصمت سُلَيْم هذه المرة بالحكمة وعدم الانحياز، وتجنبت الوقوع في كوارث هي في غنى عن خوض غمارها، وكان أن امتدت هذه الفتنة حتى سنة ١٨٠ هـ وقد استطالت وغلظت في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، فندب جعفر بن يحيى البرمكي إلى الشام لإطفاء هذا اللهب المستشري ففعل، وعاد إلى بغداد (١).

[القصة الرابعة]

قصد الشاعر ثابتٌ الرقي أحد بني أسد مع يزيد بن أسيد السُّلَمي، في ديات وجبت على ربيعة وقومه، فلم يعد منه بطائل، ومن ثم رحل إلى سميه: "يزيد بن حاتم المهلبي" وهو بالقيروان بإفريقية، فأعطاه عشر ديات ووصله وأحسن إليه إحسانًا عظيمًا، فأنشأ قصيدته التي مطلعها:

ألا طرقتنا باللِّوى أمُّ عاصم … وقد زارنا فيها خيال مجاشم

وفيها يقول - مفضلًا يزيد بن حاتم المهلبي، على سميه: يزيد بن أسيد السُّلَمي:

حلفتُ يمينًا غيرَ ذي مثنويَّةٍ … يمين امرئ آلى وليس بآثم

لشتَّان ما بين اليزيدين في الندى: … يزيد سُلَيْم والأغرَّ ابن حاتم

فَهَمُّ الفتى الأزدي إتلافُ ماله … وهَمُّ الفتى القيسيِّ جمعُ الدراهم

فلا يحسبِ التمتامُ أني هجوته … ولكنني فَضَّلْتُ أهل المكارم (٢)


(١) تاريخ ابن خلدون، ص ٤٦٤ - ٤٦٧، المجلد الثالث، طبع بيروت.
(٢) تاريخ إفريقية والمغرب، لابن الرقيق، ص ١٥٢ - ١٥٣، طبع تونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>