لا شك أن جهاد عرب الحجاز في معركة تحرير مصر من الفرنسيين قد ساهم إسهامًا كبيرًا في حرمان الجيش الفرنسي من الانتصار انتصارًا حاسمًا، ولقد لقى الفرنسيون مقاومة لَمْ يعرفوا مثلها في شراستها، ولا زال لهؤلاء الجدود الذين خرجوا من ينبع للذود عن مصر أحفادهم، يعرفون اليوم بمسمياتهم كأسر لازالت باقية في صعيد مصر تربطهم أواصر القربي بأبناء عمومتهم في ينبع والبعض منهم رجع إلى موطنه الأصلي في الحجاز.
جُهَيْنة في مصر والسودان
كان لانتشار القبائل العربية في أرجاء العالم الإسلامي (مع الفتوح ثم في أعقابها) أثر عظيم في تقريب كثير من شعوبه، وتوثيق روابط القرابة فيما بينهم.
وقد تكاثر بعض أبناء هذه القبائل إلى عشائر تضاخمت أحجامها، واشتهرت بأسمائها الخاصة، حتى طغى اسم العشيرة - مع الزمان - على اسم القبيلة الأم، فلم تعد تذكر إلَّا في معرض التاريخ لهذه العشائر، وبث أصولها وأنسابها.
ولكن بعض هذه القبائل العريقة، ظلت تحتفظ بأسمائها الأولى برغم تعدد بطونها وتفرق فروعها في أكثر من وطن من أوطان الوطن العربي، ومن هذه القبائل (جُهَيْنة) التي ظل اسمها هذا باقيًا في المملكة العربية السعودية، مثلما بقى في مصر والسودان.
[جهينة في مصر]
كانت جُهَيْنة إحدى القبائل الأربعة عشرة التي أُطلق عليها (أهل الراية) لاجتماعها تحت راية واحدة، في الجيش الذي قاده عمرو بن العاص لفتح مصر، وظلت تلك القبائل مدونة معا في ديوان الجند في التدوين الأول الذي قام به عمرو في سنة ٤٣ هـ، كما ظلت مشتركة معًا في خطة واحدة عند تحديد الخطط التي أعدت لإقامة القبائل التي شاركت في الفتح بالفسطاط، أما باقي القبائل فقد حاربت كلّ منها تحت راية خاصة، وأفردت لها خطة خاصة ودُوِّنت على حدًا بالديوان.