كان لهم شرف وعزة ومنعة وكثرة في تهامة في أوائل القرن الثالث الميلادي، وبعد انفراد بنو مُضَر برياسة الحرم اضطرت إياد أن تهاجر إلى العراق ونزلت بسواد الكوفة وغيرها من النواحي بأرض الجزيرة، وتكاثروا وكانوا يغيرون على من يليهم في البوادي ويغزون مع ملوك آل نصر (١) في غزواتهم، وحاربت إياد الأعاجم من الفُرس وهزمتهم، وغزاهم بعد ذلك أنوشروان أحد الأكاسرة فأصاب منهم ونفاهم من معظم البلاد التي قطنوها في العراق، فنزلوا في الموصل والجزيرة شمالًا، فأرسل كسري مالك بن حارثة ومعه فرقة من بني بكر بن وائل (ربيعة) فأخذهم على غِرَّة فلاذوا بالفرار، وأتبعهم الفرس حتى نزلوا في الشام في حمص وحلب وآسيا حتى أنقرة بتركيا وما صاقبها من البلاد التابعة للروم حينئذ، ودانت إياد لغسان وتنصَّروا أي دخلوا في النصرانية مثلهم مثل جَبَلة بن الأَيْهَم أحد ملوك غسان ومثلهم قُضَاعة ذلك الحين، وتفرقوا في أمصار الشام ولحق أغلبهم إلى بلاد أنقرة بعد اجتماع قُضَاعة وغَسَّان، وقد خاف هؤلاء أن يلحقهم ضَيْم من قُضَاعة وغَسَّان أو يصيروا يدًا واحدة عليهم، وكان بعضهم قد حارب مع الفُرس في موقعة عين تمر، وكما استعان بهم الروم عام ١٢ هـ لما اجتمع العرب المسلمون في الشام، وفي عام ١٦ هـ حاربوا المسلمين مع الروم شأنهم شأن قُضَاعة وتَغْلِب، ولما خرج الوليد بن عُقبة عام ١٧ هـ إلى بني تغلب وعرب الجزيرة أخذتهم حميَّة العروبة ضد الروم رغم أن أغلبهم كانوا نصارى على دين الروم، ولكن إيادًا فإنهم هربوا وقد دخلوا بلاد الروم، ولما قام هرقل الروم بآخر محاولة لاستعادة الشام من المسلمين كان جيشه يحتوي على عدد كبير من إياد، ولكن العرب المسلمين غزوا الجزيرة بمساعدة نصارى العرب وفتحوا، كريت، وقد فاوض خالد بن الوليد عرب المدن بالشام، مما أضعف قوة الروم وخاصة بعد انسحاب كثير من العرب من جيشهم، ولما حارب عرب الشام المتفاوضين مع خالد بن الوليد جيش الروم وهزموه، وقد دخلوا في الإسلام عدا إياد هؤلاء! فقد رجعوا مع جيش الروم
(١) بنو نصر اللخميون جدهم نصر بن ربيعة بن عمرو من بني نمارة من لَخم القحطانية، ويقال المناذرة في بادية العراق والحيرة كانوا تابعين لملوك فارس ومدة ملكهم ٥٢٢ عامًا، وذكر القلقشندي أن من بني نصر هؤلاء في البر الشرقي من أسيوط بالديار المصرية.