للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد عشر دورًا لبني سُلَيْم في الأحداث العربية والإسلامية

ليس من ريب في أن لبني سُلَيْم دَورًا ما في كثير من الأحداث العربية والإسلامية منذ بزغ فجر الإسلام، ومنذ كانوا مقيمين في ديارهم الأصلية بين الحرمين، ثم منذ فارقوها - أو فارقها أكثرهم، في الفتوحات الإسلامية إلى شرق وغرب، وإلى شمال وجنوب.

وهذ الدَّور الذي استمروا في القيام به على مسرح الأحداث الإسلامية والعربية طيلة قرون متتالية يؤكد أنهم قبيلة ذات حيوية.

وفي هذا الفصل نستعرض أهم تلك الأحداث عبر شريط الزمن الدَّوَّار:

في أول قائمة أدوار بني سُلَيْم في الإسلام قيامهم على البعثة النبوية، أو كما يقول أصحاب السيرة: قيامهم على السرية التي بعثها النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسها المنذر بن عمرو إلى بئر معونة: موضع ببلاد هُذَيْل بين مكة وعسفان في صفر على رأس أربعة أشهر من غزوة أحد، وكان مُلاعبُ الأسنَّة الكلابي العامري قدم على رسول الله فعرض عليه الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد، وطلب من الرسول أن يبعث رجالًا من أصحابه إلى أهل نجد يدعونهم ومن معهم إلى الإسلام رجاء أن يستجيبوا له. فبعث الرسول تلك السرية التي أكبر ما قيل عن عددها: إنه كان سبعين رجلًا، وأقل ما قيل عنه: إنهم كانوا ثلاثين وكان فيهم بعض من أسلموا من سُلَيْم، فلما نزلوا بئر معونة بعثوا أحدهم بكتاب إلى عامر بن الطفيل، فعدا على رسول رسول الله وقتله ثم استصرخ عليهم بني عامر من هوازن فأبوا أن يخفروا ذمة طالب قدوم البعثة: أبي براء ملاعب الأسنة، فاستصرخ قبائل رِعل وذكوان وعُصيَّة من سُلَيْم فأجابوه إلى ذلك، وأحاطوا بالبعثة في رحالها، وجالدتهم البعثة الإرشادية المؤمنة حتى قُتلت كلها ما عدا واحدًا، وقد وَجدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحاب بئر معونة وجدًا عميقًا (١).

وثاني الأدوار التي قامت بها بنو سُلَيْم استجابتها لدعوة زعماء مكة في غزوة الأحزاب، مع من استجاب لهم من العرب المؤازرين للشرك على الإسلام ولقريش


(١) مختصر سيرة ابن هشام، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص ٢٢٧ و ٢٢٨، طبع الدار العربية للطباعة والنشر في بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>