للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الصناعة]

تكثر المعادن في بلاد باهلة كما تقدم ذكر هذا، وذلك يتطلب أن يكون أهل تلك المعادن ذوي خبرة وسِعَة اطِّلاع على معادن بلادهم، هذا يستلزم أن يكون بين أفراد هذه القبيلة من اشتغل بصناعة التعدين، يضاف إلى هذا أن بلاد القبيلة على درجة حسنة من الخصب، وبلد هذا شأنه يكون أهله أقرب إلى التحضر، وإلى مزاولة أعمال الحياة الحضرية، مما يجعل الأكثرين من العرب الذين كانوا يمارسون حياة البداوة ينظرون إلى مَنْ هذه صفته نظرة استهانة، وهذا أمر مألوف ومعروف في العهود القديمة.

وقد أورد الأبْيورديُّ في كتاب "زاد الرفاق" (١) ما نصه: "ذكر علماؤنا -رحمهم اللَّه- أن عامر بن صعصعة بن ثور الدِّثَارِيِّ تزوج أميرة بنت واصل بن عطبية العوذية، وكانت من أهل المعدن، فعيره قومه بها، وقالوا: تزوجت امرأة سكنت القرى، وجاورت أهلها، وليسوا بعرب، فلم يلتفت إلى قولهم، وقال فيها:

لَهِنَّكِ مِنْ عَبْسِيَّةٍ لَكَرِيْمَةٌ (٢) … على مَضَواتِ كَاذِبٌ مَنْ يَقُولُهَا

ومَنْ يَغْشَ أَبْوَابَ المَعَادِنِ يَلْتَمِسُ … لَهُ مُصْمَئِلاتٌ تَهَوَّل غُولُها

فولدت له كوثرًا، فتزوج كوثر امرأة يقال لها أسماء بنت خارجة بن قرار، ثم خرج إلى العراق لبعض شأنه، فوقع بينها وبين أمه لحاء، فقوضت (٣) بيت أمه وضربتها فقالت:


(١) مخطوطة دار الكتب المصرية الورقة ٧٤ ب.
(٢) في "تتمة الغربيين" أنشد الكسائي: لهنك من عبسية لوسيمة: يريد اللَّه إنك فأسقط إحدى اللامين من اللَّه وحذف الألف من الهنك فصار لهنك. انتهى.
[وأقول: البيت في "الخزانة" ١٠/ ٣٤٠ بلفظ: لهنك من عبسية لوسيمة على هفوات. . إلخ وأشار المحقق إلى وروده في "الإنصاف" - ٢٠٩ - و"الهمع" ١/ ١٤١ و"اللسان" - رسم لهن - وقبله في "اللسان":
وبي من تباريح الصبابة لوعة … قتيلة أشواقي وشوقي قتيلها
ولم ينسب الشعر لقائل.
(٣) تقويض الخيمة: انحلال أطنابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>