للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهبت لأقوم، فقال لي: إلى أين تذهب؟ فقلت: أخليكما ساعةً لعلكما تتحدثان ببعض ما تكتُمان. فقال لي: اجلس! فواللَّه ما كان بينا شيءٌ قطُّ، فجلستُ وهما يتحدثان وإن بينهما لَثُمامةً عظيمة هي من ورائها جالسة حتى أسْحَرْنَا، ثم قامت فانصرفت، وقمت أنا وهو، فظلّ عندي حتى أمسى ثم انطلق (١).

عتاب عزَّة لكُثَيِّر:

. . . عن سائب رواية كُثَيِّر قال:

خرجتُ معه نريد مصر فمررنا بالماء الذي فيه عزَّة فإذا هي في خباء، فسلّمنا جميعًا فقالت عزَّة: وعليك السلام يا سائب، ثم أقبلت على كُثَيِّر فقالت: ويحك! ألا تتَّقي اللَّه! أرأيتَ قولك:

بآيةِ ما أَتَيتُكِ أُمَّ عمرِو … فَقُمتِ لِحَاجَتِي والبيتُ خَالِي

أخَلوتُ معك في بيت أو غير بيت قطُّ؟!

قال: لم أَقُله، ولكنني قلتُ:

فأُقسمُ لو أَتَيتُ البحرَ يومًا … لأشربَ ما سَقَتْني من بِلالِ

وَأقسمُ إنَّ حُبَّك أمَّ عمرِو … لَداءٌ عند منقطع السُّعالِ

قالت: أمَّا هذا فَنَعمْ.

وقال سائب: ثم أتينا عبد العزيز بن مروان بمصر وعدنا، فقال كُثَيِّر عليكِ السلام يا عزَّة. قالت عليك السلام يا جملُ، فقال كُثَيِّر:

حيتك عزَّة بعد الهجر فانصرفت … فحي ويحك من حياك يا جَملُ

لو كُنْتَ حيَّيتَها ما زلتَ ذا مقَةٍ … عندي ومَا مَسْك الإدْلاجُ والعَمَلُ (٢)

ليتَ التحيَّةَ كانت لي فاشْكُرهَا … مَكَانَ يَا جَملٌ حُيِّيتَ يا رَجُلُ (٣)


(١) الأغاني ٩/ ٣٠.
(٢) المقة: المحبة.
(٣) الأغاني ٩/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>