أو منطقة القبائل الكبرى في القطر الجزائري، كل هذه العوامل مجتمعة جعلت دولة بني زيري الصنهاجية البربرية القوية التي وصل بها الأمر من القوة أن أعلنت الانفصال عن الخلافة الفاطمية في القاهرة جعلتها متداعية البنيان مسلوبة السلطان، وصارت أملاكها نهبًا بين الإفرنج والحماديين أبناء عمومتهم، والعرب الهلالية.
[دولة بني حماد بن بلكين بن زيري بن مناد]
وقد انفصل حماد بن بلكين ابن الأمير زيري بن مناد من بني جير الصنهاجية عن طاعة ابن أخيه ابن مناد بن باديس بن المنصور بن بلكين، ثم اتفق حماد والمعز بن باديس وديًّا على اقتسام مُلك بني زيري، فخص حمادًا الجزء الغربي من الدونة وكان ذلك عام ٤٠٨ هـ (١٠١٧ م)، فبادر هذا الأمير الصنهاجي إلى تأسيس دولة بني حماد في ذلك العام نفسه في ظل الخليفة المعز لدين الله. الفاطمي في مصر، وسرعان ما شمل سلطان هذه الدولة الناشئة الجزء الممتد من البحر المتوسط في الشمال إلى الزيبان في جنوب مدينة بسكرة، ومن جبال الحضنة شرقًا إلى تاهرت (تيارات) غربًا، وكل هذه البلاد في الجزائر حاليًا وكانت تسمى المغرب الأوسط، ولم تكن أيدي الهلالية قد امتدت إلى ملك بني حماد الذين كانوا على شيء من الحصافة السياسية، وشيَّد حماد لدولته قلعه منيعة بجهة برج بوعريرج في جنوب ميناء بجاية الساحلي، وقد جعل هذه القلعة حاضرة ملكه، وقد قدر بهذه القلعة أن تغدو من أشد مدن شمال إفريقيا ازدهارًا أو عمرانًا وظلت كذلك ردحًا من الزمن.
وقد كُتب على بني حماد بعد ذلك أن يخوضوا حربًا مستمرة ضد الزناتية الذين كانوا يهددون ملكهم من الغرب، وكذلك ضد بني زيري أولاد عمومتهم الذين كانوا من قبل سادة المغرب الأوسط (الجزائر)، كما كُتب عليهم أن يشنُّوا حربًا موصولة على العرب الهلالية منذ أن انتصف القرن الخامس الهجري، وقد توفي حماد عام ٤١٩ هـ (١٠٢٨ م) تاركًا حكم دولته إلى أكبر أولاده وهو القائد ابن حماد، وقد تولى الحكم في نفس السنة التي توفي فيها أبوه وكان أيضًا في نفس الوقت قد أعلن المعز بن باديس من أبناء عمومته في تونس أعلن قصر الدعوة على الخليفة العباسي في بغداد والانفصال عن الخلافة الفاطمية في القاهرة، وكان