للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتقال طرود (١) إلى عقلة الطرودي

ولما ضاقت الأماكن الإفريقية بالعرب (٢) وقويت شوكة الأثبج وخصوصا دريد منهم انتقلوا إلى صفاقس، وكانوا في عدد كثير فلم تحملهم الأرض لقلة ما بها من العيش فانتقلوا إلى قفصة.

قال الشيخ العدواني: إن طرودا كانوا حين دخلت العرب إفريقيا بنواحي طرابلس ثم في هذا الوقت قتلوا رجلا فطلبت منهم الدية فامتنعوا من إعطائها وفروا ليلا ونزلوا على قرية من عمل طرابلس على شاطئ البحر، فأرسل إليهم عاملها: إما أن تعطوا الدية أو تنتقلوا من هنا، فأبوا ولم يخرجوا ثم عاودهم، فقالوا له: إن كانت لك قوة فأت بها فلسنا خارجين. فجمع جيوشا من غدامس وفزان وغيرهما تبلغ عشرة آلاف فارس، وانضم لطرود بعض الأعراب الذين هناك، وكان رئيسهم يقال له مسروق (٣) وتألف جيشهم من ستة آلاف فارس. والتقى الفريقان بموضع يقال له ابن فرحات، وما زال القتال بينهما من طلوع الشمس إلى غروبها، ثم افترقا وقد مات من قوم مسروق أربعمائة رجل ومن قوم عدوه ألف رجل، ثم نزل مسروق وقومه بموضع آخر يقال له جرجر بساحل البحر ومكثوا هناك ثلاثة أشهر، فسمع بهم صاحب قابس فرحب بهم وطلب منهم النزول في بلاده ولهم فيها ما يريدون فنزلوا فيها وأصلحوا شؤونهم ثم بعد مدة ذهب رجل من جماعة مسروق يقال له ضرار بن عمر يطوف في بعض السواني يقتطف العنب فنهاه صاحب السانية وزجره، فأخذ ضرار سيفه وضربه على رأسه فقتله وحمله إلى ساحل البحر ورماه، فتفقده أهله (أي صاحب السانية) فلم يجدوه، فاتهموا جماعة مسروق به فأخرجهم عامل قابس من تلك الأرض، فسار مسروق وجماعته إلى القيروان فصعب عليهم النزول هناك، فرحلوا ونزلوا على المهدية. ومكثوا فيها ثلاث سنين فسمع بخبرهم صاحب ترشيش (من أسماء تونس) فبعث إليهم ثلاثين رجلا من خواصه يرغبونهم في التقدم إلى نواحي تونس،


(١) طرود بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان، وبني فهم ما زال لهم بقية في بلادهم بالحجاز حول الطائف حتى الوقت الحاضر.
(٢) يعني بالعرب من قدموا إفريقا ابتداء من الحملة الهلالية.
(٣) قيل في رواية أخرى: هو مسروق بن عندله كان قد قتل ابن عمه وإثر ذلك فر بقبيلته طرود.

<<  <  ج: ص:  >  >>