للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد إلى والده عبد الله بولاية بجاية وكلفه بأن يواصل الغارات على جهات متفرقة من حدود إفريقيا لإضعاف قوات حكامها الدفاعية تمهيدًا لغزوها، وكان أمرها في ذلك الحين في قبضة روجير صاحب صقلية جنوب إيطاليا، وفي عام ٥٥٤ هـ - ١١٥٩ م جهَّز عبد المؤمن الكومي جيشًا عدته مائتا ألف مقاتل بينهم عدد كبير من بني هلال على الأخص قبيلة رياح، وقد زحف بهذا الجيش المزوَّد بالمؤن الوفيرة والعتاد الكامل على تونس برًّا وأمر أسطوله البحري بحصار مدينة تونس بحرًّا، ولم يطل هذا الحصار إذ دانت المدينة لطاعته بعد وقت قصير فدخلها دخول الظافرين وبادر إلى حصار المهدية، وبعد سبعة أشهر استطاع فتحها ومنح الأمان لحاميتها من النصارى بشرط أن يبحروا فورًا إلى صقلية (وهي جزيرة كبيرة جنوب إيطاليا) ثم توالت انتصاراته فاستولى على صفاقس ثم قابس، واستطاع بمواهبه الحربية طرد أهل جنوة وجميع الإفرنجة ولا سيما أهل جزيرة صقلية من تونس وجميع المواني في البلاد المغاربية والتي كانوا قد احتلوها مستغلين الفوضى التي كانت تسود البلاد حينئذ، ولكن هناك بعض قبائل الهلالية قد ثاروا عليه في تونس من رياح وغيرها، فولى على فريق منهم عساكر بن سلطان وهو من الدواودية من رياح، وأرسل الباقي إلى المغرب الأقصى بصحبة زعيمهم مسعود بن سلطان شقيق عساكر الذي ظل في تونس، وقد اشتهر مسعود في مراكش بلقب (البلّط).

وأرسل عبد المؤعن الكومي فرقًا من الجيش الموحدي إلى طرابلس وبرقة، وقد تمكنت هذه القوات من إجلاء الحاميات الإفرنجية التي كانت تحتلها على السواحل الليبية، وامتد ظل الموحدين (البربر) فشمل بلاد المغرب كلها والأندلس.

[عبد المؤمن الكومي]

هو أصلًا من بربر مدينة بجاية الساحلية (شرق الجزائر حاليا) وتعرّف على ابن تومرت مهدي الموحدين، ثم بعد موت ابن تومرت الأب الروحي للموحدين حكم هو الدولة ما بين عام ٥٢٧ إلى ٥٥٩ هجري، أي حوالي اثنين وثلاثين عامًا وهو المؤسس لدولة الموحدين الكبرى والتي تكونت من قبائل البربر.

ومن أشعاره لبني هلال بعد هزيمته لهم في معركة سطيف (الجزائر) يحضهم على الانضمام لجيشه لغزو بلاد الأندلس:

<<  <  ج: ص:  >  >>