للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة فإن أوزان الشعر الحميني تشبه أوزان شعر العامة في مصر والشام، فهي كالزجل والمعنَّى والقراديات، فكلاهما معتمد على المقاطع.

وهناك اختلاف دقيق بين الشعر الحميني لدى البادية ولدى الحاضرة، فشعر البادية فيه وعورة على فهم الحضري، وشعر الحاضرة قريب من لغتهم، ومن أمثلة تمايز الشعرين في الأسلوب واللهجة قول زيد بن هويشل من (نشيد):

الظَّفِرْ (١) لابُدَّ من صغره يبين … ظَفِرْ، ويكرم سبال الغانمين

كل قالات (٢) الرجال الْهَا فَطِينْ … قبل ما يبلغ من الأعوام عشرين

وقول الشريف عبد الله بن محمد بن هزَّاع من (نشيد) أيضًا:

آه من قلب تَعَنَّى وانقسمْ … أتعب الأعْيانْ واغْداني سَقيمْ (٣)

في هوى من فاق حُسْنُهْ واستتم … فاق جمع الْخُودْ لم جالُهْ حتيم (٤)

ومن شعر الحميني (الرّدَّح) وتسميه قبيلة هُذَيلٌ "الرَّجَزَ" (وكلاهما بفتح أوله وثانيه) وهو في عرفهم أن يسير جمع من الناس أو يصطفوا وقوفًا يتوسطهم شاعرهم، فيبدأ بالآلات ثم يرتجل البيت من الحميني، فيعيدونه جميعًا هازجين، ويستمر ويرتجل حتى ينتهي من (نشيده) أي قصيدته (٥).

وبعد، فقد قدمنا ما سبق، ليستبين على ضوئه حقيقةُ شعر الحميني السُّلَمي وألوانه، وهو الشعر الذي عقدنا له هذا الفصل وذكرنا ما أمكننا ذكره من شعرهم وشعرائهم فيه.

حبيب بن قليشان السُّلَمي

هو من شعراء الشعر النبطي، من بني نَوَالٍ إحدى بطون بني سُلَيْم الموجودة اليوم في ديارها في أعالي الحجار، بين الحجار ونجد.


(١) الظفر بفتح فكسر: الشاب.
(٢) قالات: أقوال.
(٣) الأعيان: العيون.
(٤) لم جاله: لم يجيء له. حتيم: شبيه ونظير.
(٥) راجع كتاب ما رأيت وما سمعت، للأستاذ خير الدين الزركلي، من ص ١٦٢ إلى ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>