ودخل القوم في معركة حامية الوطيس، وانهزمت قيس هزيمة ساحقة ومعهم بنو سُلَيْم، وقيل - كالعادة - في هذا اليوم شعر يصف المعركة، ومنه قول ضرار بن الخطاب:
ألم تسل الناس عن شأننا … ولم يثبت الأمر كالخابر
غداة عكاظ إذا استكملت … هوازن في كفها الحاضر
وجاءت "سُلَيم" تهز القنا … على كل سلهبة ضامر
وجئنا إليهم على المضمرات … بأرعن ذي لجب زاخر
فلما التقينا أذقناهم … طعانا بسمر القنا العاثر
ففرت "سُلَيْم" ولم يصبروا … وطارت شعاعًا "بنو عامر"
وفرت "ثقيف" إلى لاتها … بمنقلب الخائب الخاسر
وقاتلت "العَنْسُ" شطر النها … وثم تولَّت مع الصادر (١)
[يوما حوزة: الأول والثاني]
وهو لسُلَيْم على غَطَفَان، وباعثه أنه كان بين معاوية بن عمرو بن الشريد من سُلَيْم، وهاشم بن حرملة أحد بني مُرَّة من غطفان كلام في عكاظ، فقال معاوية: لوددتُ والله أني قد تَرَّبْتُ الرَّطبة، وهي جُملة معاوية، وكانت الدهر تنطف ماءً ودهنًا، وإن لم تدهن - فلما كان بعدُ، تهيأ معاوية ليغزو هاشمًا، فنهاه أخوه صَخْرٌ، فقال: كأني بك إن غزوتهم علق بجمتك حَسَكُ العرفط: (شجر من العضاة) فأبى معاوية وغزاهم يوم حوزة، فرآه هاشم قبل أن يراه معاوية، وكان هاشم ناقهًا من مرض أصابه، فقال لأخيه دريد بن حرملة: إن هذا إن رآني لم آمن أن يشدَّ عليَّ، وأنا حديث عهد بشِيكةٍ، فاستطرِدْ له دوني حتى نجعله بيني وبينك، ففعل، فحمل عليه معاوية وأردفه هاشم، فاختلفا طعنتين، فأردى معاوية هاشمًا عن فرسه "الشمَّاء". وأنفذ هاشم سنانه من عانة معاوية، وكر عليه دريد فظنه قد أردى هاشمًا، فضرب معاوية بالسيف فقتله، وشدَّ خفاف بن عمير على
(١) أيام العرب في الجاهلية، لمحمد أحمد جاد المولى وزميليه، ص ٣٣٤ - ٣٣٦، طبع مصر.