للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل الأقرع بن حابس على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرآه يُقَبّل الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتقبله والله إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدًا منهيم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لا يرحم لا يُرحم" والأقرع بن حابس هذا كان ممن يتألف قلوبهم لاستمالتهم إلى الإسلام قبل إسلامه فأعطاه الرسول يوم حنين مائة من الإبل وكذا أعطي عيينة بن حصن الفَزَاريُّ، وكان مثله من المؤلفة قلوبهم وأعطى الشاعر المخضرم المشهور عباس بن مرداس السلمي خمسين من الإبل، فقال يخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم -:

أتجعل نهبي ونهب العبيد (١) … بين عيينة والأقرع

فما كان حصن ولا حابس … يفوقان مرداس في مجمع

وما كنت دون امرئ منهما … ومن تخفض اليوم لا يرفع

فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - له: أنت القائل أتجعل (بنهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة) رواه البخاري. قال السهيلي: إنما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الأقرع بن حابس قبل عيينة لأن الأقرع كان خيرًا منه والشاهد على هذا والله أعلم أنه لم يرتد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما ارتد عيينة. وكان الأقرع سيدا مطاعا وشهد مع خالد بن الوليد وقائع بالعراق وكان على مقدمته يوم الأنبار (٢).

[الخوارج وعلاقتهم في بني تميم]

ومما يعجب له كل إنسان عامة وكل تميمي خاصة أن يكون من تلك الطائفة من هذه القبيلة فرقة لا يستهان بها من بني تميم بأن يكون أول خروج لهم ضد الإمام علي بن أبي طالب - صلى الله عليه وسلم -، أن يكون تطرفهم في الدين مما غشي على إبصارهم فجعلوا يشكون في زوج البتول (٣) في زعمهم وإن كان لهم الحق فيما لو صدقوا. أن يريقوا، دماءهم دفاعا عن الدين عن يقين بعد ما كان من عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان يغفر الله لهما ويزيد الدهشة أن يكون في المعسكر


(١) العبيد بالتصغير اسم فرس العباس بن مرداس السُلَمي وكان العباس يدعى فارس العبيد، والنهب هو الغنيمة.
(٢) انظر: البداية ج ٧ ص ١٤١ وخزانة الأداب ج ١ ص ١٠٥.
(٣) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>