ومن قصص حرب وشمّر أن حربيًا وشمريًا أراد العراق لغرض لهما، فقال الشمري للحربي: أنا قد جهزت كل شيء، فاذهب أنت واشتر لنا بصلًا. فذهب الحربي فاشترى البصل. وعندما جن عليهما الليل أناخا ذلوليهما فأشعلا النار وخبزا قرصًا، ولما نضج صب الشمري عليه السمن وعركه، فتحفز الحربي للطعام، فقال الشمري: لا، يا بعد حيي! كل يأكل من زاده.
فتراجع الحربي وبات طاويًا.
وفي الصباح عمل الشمري برفيقه مثل ذلك. وفي منتصف النهار عض الحربي الجوع فأخذ يقضم من البصل فتزاقلت دموعه. فقال الشمري: علامك يا بعد حيي؟ عسى ما جاك من أهلك خبر (١)؟ وتختفي معالم القصة حتى يصل الاثنان سوق البصرة بليل، فنام الشمري بينما ذهب الحربي يبحث عن طعام. وكانت عادة أهل العراق الإسراع إلى كل وافد ليشتروا ما معه من مجلوبات. وعندما عاد الحربي كان رفيقه نائمًا. فجاءه بصريون يساومونه، فقالوا: ممن أنت؟ فقال: حربي. قالوا: ورفيقك؟ قال: عبدي. وكان الشمري من قبيلة عبدة. فظن المساومون أنه يقصد بقوله "عبدي" أي مملوكي. فقالوا: نشتريه منك. فلمعت في ذهن الحربي فكرة الانتقام. فقال ولكنه عبد مشاغب لو درى أنني أريد بيعه ما جاء معي إلى هنا وسوف ينازعكم ويقول لكم إنه ليس عبدًا. فقالوا: لا عليك بعه لنا ونحن نتفاهم معه. فاتفقوا على القيمة وقبضها الحربي. فقام يطلق الركاب من عقلها! فاستيقظ الشمري، فقال: وش بك يا بعد حيي؟ وهنا انتهره البصريون قائلين: أسكت يا عبد! قد باعك عمك علينا!. فغضب العبدي وزمجر، ولكن بدون فائدة فقد أسرع القوم وكتفوه وهم يقولون: قد قال الحربي