للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بلاد بني خثعم قديما]

رغم أن حياة العرب كانت تعتمد على التنقل والارتحال، وكان أكثرهم بدوا رحلا يتبعون مساقط المياه ومنابت العشب، إلا أنه كان لكل قبيلة كيان خاص وحدود معينة، من الديار والمواضع، تدافع عنها بما تستطيع، وقد كانت قبيلة خثعم وأختها بجيلة تسكنان غور تهامة فيما حول مكة، عندما كانت تنسب لنزار ابن معد بن عدنان على ما ذكره قدماء المؤرخين كابن الكلبي وغيره منسوبا عن ابن عباس - رضي الله عنه - وهذا نص الخبر كما نقله البكري عن كتاب "الافتراق" لابن الكلبي: "قال: وكان جابر بن جشم بن معد، ومضر بن ربيعة، وإياد، وأنمار بنو نزار بن معد بن عدنان، بمنازلهم من تهامة وما يليها من ظواهر نجد، فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ثم أجلت بجيلة وخثعم ابنا أنمار بن نزار من منازلها وغور تهامة، وحلت بنو مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بلادهم" (١)، ثم يمضي ابن الكلبي مبينا لنا سبب رحيل خثعم وبجيلة عن بلاد إخوتهم من مكة وما جاورها فيما يرويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فيقول: "فقأ أنمار بن نزار ابن معد عين أخيه مضر بن نزار، ثم هرب فصار حيث تعلم؛ أي انتسب في اليمن" (٢). ثم ظعنت بجيلة وخثعم ابنا أنمار إلى جبال السروات، فنزلوها، وسكنوا فيها، فنزلت قسر بن عبقر بن أنمار جبال حليه وأسالم وما صاقبها من البلاد، وأهلها يومئذ حي من العاربة يقال لهم بنو ثابر، فأجلوهم عنها وحلوا مساكنهم منها، ثم قاتلوهم فغلبوهم على السراة، ونفوهم عنها. ثم قاتلوا بعد ذلك خثعما، فنفوهم عن بلادهم، فقال سويد بن جذعة أحد بني أفصى بن نذير ابن قسر، وهو يفتخر بذلك وبإجلائهم خثعم (٣):

ونحن أزحنا ثابرا عن بلادهم … وحلي أبحناها فنحن أسودها

إذا سنة طالت وطال طوالها … وأقحط عنها القطر واسودَّ عودها

وجدنا سراة لا يحول ضيفنا … إذا خطة تعيا بقوم نكيدها

رنحن نفينا خثعما عن بلادها … تقتل حتى عاد مولى شريدها

فريقين: فرق باليمامة منهم … وفرق بخيف الخيل تترى خدودها


(١) "معجم ما استعجم" ج ١، ص ٥٨.
(٢) المصدر نفسه، ج ١، ص ٥٨.
(٣) ياقوت "معجم البلدان" ج ٢، ص ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>