الشيخ خلعة نفيسة، وألبس بعض خواصه جوخًا، على أن ما مضى لا يعاد، فتم الاتفاق والأمان فنودي على القافلة بالرحيل.
وللمحايد المنصف كلمة في مثل هذه الحال التي لا نكاد اليوم نتصورها ولا نهضمها، والحقيقة أن على هذه القبيلة درك الطريق وحفظ الحاج وميرة الدولة، ولها على ذلك مخصصات تتقاضها في وقت محدد معلوم، وهم على ذلك يستحقون هذه المبالغ شرعًا بموجب اتفاق وبما يؤدونه من خدمة، فإذا آنس أحد الأمراء المحليين أو أحد أمراء الحج قوة تتحدى هذه القبيلة وتؤمن مصالحه قلب لهم ظهر المجن وقال: ليس لكم عندي مخصصات ولا تقربون، فاصنعوا ما شئتم! ولكن هؤلاء المطرودين كثيرًا ما يأخذون حقهم بالطرق البعيدة عن التفاهم كما سنرى من سياق حوادث التأريخ. وفي رأيي - وأنا هنا محايد وبعيد عن كل تعصب - أن لهم بعض الحق، ونحن نرى اليوم وفي أكثر الدول تقدمًا وتمدنًا تلجأ فئات لا ينقصها العلم ولا التهذيب كالعمال والأطباء وغيرهم، يلجأون إلى الإضراب لتأمين مطالبهم. وكثيرًا ما يشتبكون مع رجال الأمن وتحدث خسائر وتشل حركة خدمات تلحق بالدولة أضرارًا باهظة. وهؤلاء يطالبون بزيادة في أجورهم أو تحسبن أحوالهم فما بالك بمن منع عليه كل حقه الذي يستحقه شرعًا كما أسلفنا؟.
وينقل لنا صاحب الرحلة الحجازية أنه كان في النفقات المخصصة للحجاز في مالية مصر مبلغ (٢٥١١) جنيهًا مصريًا كمخصصات للعربان الذين منهم حرب طبعًا.
[وقعة بدر]
وفي عام ١٠٨٤ هـ خرج الشريف بركات بن محمد والي مكة على رأس جيش من الأشراف والعربان وبعض العساكر لقتال قبيلة حرب، ولما نزل قرية بدر