للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد نصر النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين من الصحابة في بدر على مشركي قريش وكان بعض الأسرى من قريش مع المسلمين قال ابن هشام: أن عُدي بن أبي الزغباء الجهني ارتجز بشعر قائلًا:

أقم لها صدورها يا بسبس … ليس بذي الطلح لها معرس

ولا بصحراء غمير محبس … إن مطايا القوم لا تخيَّس

فحملها على الطريق أكيس … قد نصر الله وفر الأخنس

وقوله يا بسبس: يقصد بسبس بن عمرو الجهني الذي كان معه عند عين بدر يتحسس خبر العدو، ومعنى كلمة لا تخيس أي لا تحبس.

[جهينة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -]

من أهم ما يُذكر لجهينة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها من القبائل التي لم ترتد عن الإسلام مثل سائر قبائل العرب، وقد ظلوا على عهدهم ووفائهم وإيمانهم ينصرون الخليفة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه، وقد نصروه نصرًا مؤزرًا في حروبه ضد المرتدين، حتى دانت قبائل الجرب للحق والإسلام في شهور قليلة وقد جمعهم الله إلى حظيرة الإيمان والدين القويم وقد فتحوا البلاد والأمصار.

[لمحة لتاريخ جهينة في مصر وإفريقيا]

ذكر أحمد لطفي السيد في تاريخ جهينة (١): أن بطونًا كثيرة من جهينة نزحت إلى صحراء ليبيا عام ٦٤٧ م - ٢٧ هـ، وهذا إبان غزو العرب المسلمين تلك الديار في بداية فتح بلاد المغرب، وكان مع جهينة (قُضَاعة)، وقبيلة فزارة من (ذُبيان - غَطَفان) والأخيرة ما زالت بطون منها في ليبيا تحافظ على نسبها.

وأضاف أحمد لطفي السيد: أن من جُهَيْنة (٢) انضم الكثير إلى


(١) أصل المثل الشهير وعند جهينة الخبر اليقين.
قال الحمداني فيما معناه: أن جُهينة كان من أعوان ملك من ملوك اليمن وقد غاب الملك فوكل وزيرًا له يسمى نجيدة، ففسد وفجر في رعية الملك ولم يصن الأمانة، فوثب جهينة على الوزير فقتله ودفنه تحت سرير الملك ولم يعلم أحد بذلك في القصر، فلما حضر الملك تفقد الوزير فسأل عنه كل رايح وغاد فلم يقف على أثر له ولم يعرف خبره، فلما رأى جهينة الملك على هذا الحال قال شعرًا منه:
تسائل عن نُجيدة كل ركب … وعند جُهينة الخبر اليقين!
فسأله الملك فأوقفه جُهينة على الخبر وقتله للوزير الفاسد فقربه الملك إليه وأحسن عطاياه، وقيلت رواية أخرى في هذا المثل والله أعلم.
(٢) من جهينة (عقبة بن عامر بن قيس الجهني) تولى مصر عام ٤٠ هـ - ٦٦١ م في عهد معاوية بن أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>