وأما (إبراهيم الحربي) فقد قرر أن أهل العربية كلهم أصحاب أهواء إلا أربعة فإنهم كانوا أصحاب سنة:
١ - أبو عمرو بن العلاء - وهو تميمي.
٢ - والخليل بن أحمد - وهو أزدي.
٣ - ويونس بن حبيب - وهو بصري من ضبة أخي تميم.
٤ - و (الخليل بن أحمد الفراهيدي) شهد لعالمنا بقوله: إن أبا عمرو كان سيد الناس، وأعلمهم بالعربية، والشعر، ومذاهب الناس.
[من تلاميذه]
وحسبه بعد هذه أن (أبا الطيب) قرر أنه كان في العصر الثاني لعصر أبي عمرو ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم: أبو زيد، وأبو عبيدة، والأصمعي، وكلهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة، والنحو، والشعر، وذكروا عنه القراءة.
وقد تنسك في أصيل حياته فكان يختم القرآن في كل ليلة، وبذل له بعض الملوك مالا عظيما خطيرا على أن يتكلم في بيت شعر، مدحا فيه فأبى ذلك.
وعليه قرأ أهل الكوفة أشعارهم، وكانوا يقصدونه لما مات حماد الراوية؛ لأنه كان قد أكثر الأخذ عنه، وبلغ مبلغا لم يقاربه حماد أستاذه، فلما نسك خرج إلى أهله، فعرفهم الأشعار البيتين اللذين كان أدخلهما في أشعار الناس فقالوا له: أنت كنت عندنا في ذلك الوقت أوثق منك الساعة، فبقي ذلك في دواوينهم إلى اليوم.
وروى ابن الجزري (١) أنه ليس في الشعراء السبعة من أجمع الناس على صراحة نسبه غيره، وقال في الفرزدق - وأبو عمرو مختف بالبصرة يعوده:
ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها … حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
حتى أتيت أمرا محضا ضرابيه … من المريرة حرا وابن أحرار
ينميه من (مازن) في فرع نبعتها … أصل كريم، وفرع غير خوار