هناك صلة تقوم على هذا النحو بين هُذَيْل وثقيف، أو بين قريش وثقيف حتى يكونا بطنين من بطونها؟ فلا يمكن بأية حال تبرير هذا على أساس سليم إلا أن تكون هُذَيْل وقريش مجرد اسمين لا يمتان بصلة إلى هُذَيْل وقريش المعروفتين منذ العصر الجاهلي، وصدر الإسلام، أو أن يكون بعض أولئك وهؤلاء قد دخلوا بمرور الزمن وبحكم الجوار في ثقيف، حتى نسبوا أخيرًا إليها، وذكروا بين بطونها.
فليس غريبًا إذن - بعد ما رأينا - أن نجد إغرابًا كهذا في البطون المنسوبة إلى هُذَيْل في أمثال هذه المراجع، ويكفينا أن نجد أن بعض هذه البطون لا يزال يحمل الاسم القديم مثل لحيان، وعمرو أو عمير، فقد مرّ بنا لحيان، وعمرو فيما سقنا من حديث حول بطون هُذَيْل، وهما من الشهرة المستفيضة بمكان، كما أن عميرًا - وإن كان مغمورًا - قد ذكر في سبائك الذهب بطنًا منسوبًا إلى هُذَيْل (١).
وحسبنا أيضًا أن بعض الأماكن التي وردت في هذه المراجع مثل وادي فاطمة، وغيره من الأماكن التي تقع حول مكة، أو في أطرافها من جهة الشرق والجنوب هي نفسها منازل هذه القبيلة وبطونها منذ العصر الجاهلي.
[نظرة ناقدة]
ولكن ينبغي لنا أن نقف وقفة أخرى عند هذه القبائل الهذلية التي فصّلنا القول فيها، والتي وردت إشارات إليها في الشعر الهذلي، أو طالعتنا بها المصادر القديمة؛ فقد بلغت هذه البطون المختلفة حدًا من الكثرة يلفت النظر، وإن كانت هذه المراجع تختلف - فيما بينها - فيما تمدنا به من هذه البطون كثرة وقلة، فمنها ما يقتصر على الفروع الكبرى للقبيلة، ومنها ما يمعن في تعداد البطون والأفخاذ