للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوبة، ومكنه من الرجوع إلى الحق، فأبى إلا المعاندة والتصريح والحمد للَّه الذي عجل به إلى ناره وأليم عقابه وإن أمير المؤمنين سأله عن ذلك فأقر بالتشبيه وتكلم بالكفر، فاستحل بذلك أمير المؤمنين دمه ولعنه. وأودع السجن من له صحبة معه وذاقوا ألوان العذاب في السجون (١)، وكان ذلك سنة (٢٣١ هـ).

توفي الواثق سنة (٢٣٢ هـ) وتولى بدلا منه المتوكل على اللَّه، فنهى عن الجدال في القرآن وغيره ونفذت كتبه بذلك إلى الآفاق.

ثم سمح بجمع جثة أحمد بن نصر الخزاعي، فحمله ابن أخيه موسى إلى بغداد وغسل ودفن وهكذا كانت نهايته (٢)؟

إنها نهاية محزنة ومؤسفة أن يقتل الإنسان من أجل مخالفة رأيه رأي الآخرين أو معارضتهم، وليس بالضرورة أن تكون أفكار أمة بكاملها متوافقة أيًا كان موقعها حتى ولا بالقهر؛ لأن العقول والأفكار المنبثقة متفاوتة بين إنسان وآخر، فالأفكار الضحلة تسقط معها حاملوها قلوا أم كثروا، وليس الخزاعي هو الأول ولن يكون الأخير في مثل تلك المجتمعات.

إسحاق (*) بن إبراهيم الخزاعي

هو إسحاق بن إبراهيم بن مصعب بن زريق بن أسعد بن زاذان الخزاعي بالولاء، وهو ابن عم طاهر بن الحسين، ولي الشرطة ببغداد من أيام المأمون (٣) إلى أيام المتوكل، وكان جوادا ممدحًا، وكان يعرف بصاحب الجسر (٤) وعلى يده امتحن العلماء بأمر المأمون وأكرهوا.

وكان صارمًا خبيرًا سائسًا حازمًا وافر الفعل جوادًا له مشاركة في العلم، توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين. وولي بعده ابنه محمد.


(١) تاريخ الطبري ٩/ ١٣٩.
(٢) تاريخ الطبري ٩/ ١٩٠.
(*) الديارات/ ٤٠، ١٢٣، ١٢٤، ١٤١، سير أعلام النبلاء ١١/ ١٧١ الوافي بالوفيات ٨/ ٣٩٦، ٣٩٧، بغية الطلب/ ١٤٠٨ - ١٤٠٩، الكامل في التاريخ ٦/ ٣٦٣.
(٣) كان صاحب الشرطة ببغداد أيام المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل.
(٤) كان يسمى بصاحب الجسر؛ لأنه كان يتولى أمر الجسرين ببغداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>