للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قُدّمَ شريك للقتل فإذا بقادم ظهر في الأفق فإذا هو حنظلة وقد تحنَّط وتكفن، فتعجب النعمان من ذلك وسأله: ماذا حملك على العودة؟ فقال: وفائي بالوعد وديني يمنعني من الغدر فسأله عن دينه فقال: النصرانية. عند ذلك استحسن النعمان منه ذلك وأطلقهما وأبطل تلك العادة، وقيل أن هذه الحادثة كانت سببًا في اعتناق المنذر للنصرانية ومعه أهل الحيرة.

هذه نتف من تاريخ طيئ وأخبارها قبل الإسلام فماذا عنها بعد بزوغ فجر الإسلام وانتشار الدعوة الخالدة في ربوع الجزيرة بعد أن انطلقت من بطاح مكة ومن طيبة الطيبة بعد الهجرة المباركة.

[طيئ عند ظهور الإسلام]

من بطاح مكة المكرمة انطلقت دعوة الهدى، ليسري صداها مدويا في آفاق الأرض ويخترق أثرها وهُداها عقول مَنْ مَنَّ الله عليهم بنعمة الطاعة والإسلام من القبائل العربية، فقد بدأ المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه - في إبلاغ الرسالة سرا في بادئ أمره ثم أمرَ بأن يصدع بالدعوة ويعلنها لقومه وللناس كافة فثارت ثائرة أهل الشرك والضلال ولاقى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صنوف الفتن والأذى من كفار قريش الذين كانت غايتهم إطفاء نور الله ويأبى الله إلَّا أن يتم نوره وينصر عبده ويخذل أعداءه.

فكانت الهجرة المباركة من مكة إلى يثرب فتحا ونصرًا للإسلام وبداية لقيام دولته التي قامت بقيادة الرسول الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - وبمؤازرة المهاجرين والأنصار بعد توفيق الله سبحانه وتحقيق إرادته ومشيئته، وبعد أن اشتد ساعد الدعوة الإسلامية وطار ذكرها في شعب وسهول ووديان وجبال الجزيرة العربية اتخذت القبائل العربية في شتى مواطنها مواقف مختلفة منها، فكانت قريش القبيلة التي شرفها الله بأن يكون المصطفى من أصلابها من أشد المعارضين للدعوة ومحاربتها، وهكذا شأن كثير من القبائل المجاورة لمكة كثقيف حيث كانت معظم القبائل العربية وثنية تعبد الأصنام عدا قلة غير مؤثرة على دين النصرانية أو اليهودية، وإنما الأغلبية من العرب يعبدون الأصنام.

<<  <  ج: ص:  >  >>