للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيدهم غيركم وعصمكم الله برأيي حتى نلتم ما رجوتم وآمنتم ما خفتم فأصبحتم منقطعين من أهل البلاد لاحقين بأهل العاقبة وإني أخبركم أنا قدمنا علي بني تميم بالكوفة وأخذوا علينا بفضلهم مرتين مسيرهم إلينا مع علي - رضي الله عنه - وتهيئهم معه للسير إلى الشام ثم انحشرنا معهم فصرنا كأنا لا نعرف إلا بهم. فأقبلوا إلينا ولا تتكلوا علينا فإن لهم أعداء من رؤسائهم فلا تبطوا عنا فإن من تأخير العطا حرمانا ومن تأخير النصر خذلانا فحرمان العطاء القلة وخذلان النصر الإبطاء ولا تنقضي الحقوق إلا بالرضا وقد يرضى المضطر بدون الأمل فلم يكد كتاب الأحنف يصل إلى بني سعد حتى هبوا فنزلوا بجموعهم الكوفة.

٧ - واقترح الأحنف (١) على علي بن أبي طالب على أن يكون مع أبي موسى الأشعري عند معارضة عمرو بن العاص وبعد إهراق الدماء بين الإخوة ثم اتفاقهم على الصلح واضطرارهم إلى ما يحكم به الحكمان. برز في الميدان مرة أخرى الأحنف بن قيس قائلا لعلي يا أمير المؤمنين إن أبا موسى رجل من أهل اليمن وقومه مع معاوية. فابعثني معه فوالله لا يحل عقدة إلا عقدت لك أشد منها فإن قلت أني لست من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فابعث ابن عباس وابعثني معه. وفي هذا ما يدل على ثقته من نفسه وشعوره بقوة حجته وصلاحيته لمثل هذه الأمور إلى درجة تفوق ابن عباس - رضي الله عنه - الشهود له باللسن وروعة الحجة؛ إذ إن هذا الموقف الحرج لا يتطلب بلاغة ولسانا بقدر احتياجه إلى التدبير المحكم.

[الأحنف ينصح أبا موسى الأشعري]

٨ - وبعد أن راق (٢) عليا اقتراح الأحنف اتجه إلى أبي موسى فأخذ بيده ثم قال له: يا أبا موسى اعرف خطب هذا المسير، واعلم أن لك ما بعد أنك إن أضعت العراق فلا عراق لك فإنك تجمع بذلك بين دنيا وأخرى، وإذا لقيت عمرو ابن العاص فلا تبادره بالسلام، فإنه ليس من أهله، ولا تعطه يدك فإنها أمانة وإياك أن تقعد على الفراش فإنها خدعة ولا تلقه وحدك وإياك أن يكلمك في بيت


(١) انظر: المصدر السابق ص ٦١.
(٢) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>