للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدورهم من ألم ممض وتفجع وحزن قاتل، في صَوْغٍ مُنسجم مُوسيقيِّ رائع يستبي القلوب ويستهوي الأفكار، ويجعل السامع والقارئ يشاطران شاعرهم حزنه العميق.

نقل ترجمة موسى بن عبد الله بن خازم، مُحَقِّقُ كُتَيِّب "أسماء جبال تهامة وسكانها، لعرَّام السُّلَمي" عن "النجوم الزاهرة"، ومحقق ذلك الكُتَيِّب هو: محمد عبد السلام هارون (١).

أبو عَدْنان السُّلَمي

عبد الرَّحمن بن عبد الأعلى البصري، مولى بني سُلَيْم، قال عن نفسه: كان جَدُّ أبي من الغد أصابه سِبَاءٌ، سباه عبد الله بن خازم السُّلَمي، فمن عليه.

سمع أبو عدنان من أبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة، والأصمعي، وأبي مالك، ونظرائهم. وكان أحد الرماة المُجِيدين، وكان شاعرًا راوية للحديث، وله كتب في الأدب حسَانٌ منها: "كتاب قِسِيِّ العرب" لَمْ يسبقه أحد إلى تصنيف مثله، وكتابٌ في "غريب الحديث".

وأبو عدنان هو قائل هذا البيت الذي:

سار مسير الشمس في كلّ بلدة … وهبَّ هبوب الريح في البر والبحر

وذلك البيت هو قوله:

تدس إلى العطار ميرة أهلها … ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر (٢)

وله زميل لا يقل عنه روعة، وإن قَلَّ عنه شهرة، وهو قوله:

ألم تر أن ألبان يُجْلَبُ عُلْبَةً … ويتْرَكُ عودٌ لا ضراب ولا ظهر


(١) ص ٢٨، ٧٦.
(٢) يفهم من هذا البيت أن نساء العرب في عهد الشاعر كن يستعملن نوعًا من "المكياج" لتجميل وجوههن. وللبيت رواية أخرى:
تروح إلى العطار تصلح وجهها … وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
وقد سبق إلى هذا المعني، الشاعر جران العود حيث قال:
عجوز ترجى أن تكون فتية … وقد لحب الجنبان واحدودب الظهر
تسوق إلى العطار ميرة أهلها … وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
بنيت بها قبل الحاق بليلة … فكان محاقًا كله ذلك الشهر
(راجع تهذيب الألفاظ لابن السكيت، ص ٥٨٠، طبعة بيروت ١٩٨٥ م).

<<  <  ج: ص:  >  >>