ويقتنصكم العمارين قبل أن تصلوا إلى واحد منهم لتقبضوا عليه!، قال الرجل: صدقت يا ولد عمنا الجبال العُصَّي أي الوعرة ما فيها كَوْن أي عراك أو قتال والخاسر هو المهاجم مهما كثر عدده، وإن شعر العمارين بنا سوف يضعونا على رقاب بعضنا أي سوف يبيدوا جمعنا. وتفرق رجال العميرات من حول عقيدهم سعيد العميري، وعندئذ فكر سعيد إن هو عاد إلى ابن شديد بعد تعهده على نفسه فسوف يأمر الحاكم بإيعاز منه بقتله وإن سار وحده إلى العمارين فسوف يقتلوه شر قتلة، فدبَّ اليأس إلى نفسه وسولت له أن يوجه بارودته إلى صدره وقد داس على الزناد بيده وانتحر وخر صريعًا في الحال وسط اندهاش جماعته الذين كانوا قريبين منه عند بئر مياه في الوادي، فغسلوه ودفنوه عند البئر ومن حينها سمي هذا البئر باسم (بئر سعيد). وظل العمارين في منأى عن السلطة وجبال القلالة كما يقولون هي بلاد العز! لأنها حصنهم الأمين من السلطان وبطش الحكام في وقت لا توجد فيه طائرات أو خلافه من آلات وأسلحة الوقت الحاضر.
[عمدة الحويطات يتمسك بالعمارين عام ١٩١٩ م]
في عام ١٩١٩ م طلبت السلطة من جميع شيوخ وعمد العربان أن تقدم كل عشيرة عشر جمال أي إبل وعشرة رجال من البدو وذلك للمعاونة في حمل سلاح الجيش المصري والإنجليزي، واجتمع ابن شديد بشيوخ عشائر قبيلة الحويطات ليفي بما طلب تنفيذًا لأوامر الحكومة أو السلطة في مصر وقتئذ، وكان شيخ العمارين حينها يسمى خضر عطية سويلم فقال لابن شديد عمدة القبيلة: لن أستطيع الوفاء لك يا عمدة الحويطات بعشرة جمال لأن عشيرة العمارين فقيرة الحال ولا تزرع وليس عندها أي مورد، وكل رجل يسعى وراء بعيره ليأكل لقمة العيش ولا يسد رمقه هو وأولاده فكل حياته على الفحم الذي يحمله إلى القرى ليبيعه في الأسواق على بعيره، فقال ابن شديد متمسكًا بتنفيذ أوامر السلطة: لا محالة فلابد من إعطاء الإبل والرجال فورًا من أي شيخ تابع لعمدية الحويطات، حينئذ استشاط الشيخ خضر العمارني غضبًا وقال: يا عمدة نحن لسنا حويطات ونحن معارة ودخلنا معكم للعز لأننا ما قبلنا الضيم حتى من قومنا المعازة، أما إذا كنت ذا الحين تريد عصرنا فلن نُعْصَر ولن نستكين لأي سلطة منك ولا من غيرك لأن هذا فوق