وهم ملزومين مني وتحت رئاستي وأنا عمدتهم فقال: عفارم ابن شديد أي أحسنت، وثبت رسميا أن العمارين فرقة من الحويطات ومسكنهم في شمالي القلالة (١) البحرية حتى غبة البوص على البحر (خليج السويس) وأصبح العمارين ضمن عرب الحويطات من وقت ذلك الحادث وحتى الوقت الحاضر.
[ابن شديد عمدة الحويطات يطارد العمارين!]
يعد ذلك بعدة سنوات تولى رجل آخر عمدية الحويطات من عائلة ابن شديد وتغير الخديوي وتولى السلطان حسين، وقام العمارين بنهب قافلة للحجاج المتجهة إلى بر الحجاز، فجرَّ ذلك الويل على عمدة الحويطات ابن شديد بعد أن طلبت السلطة وقتئذ القبض على الجناة، فأمر بتجريدة لمطاردة المشاغبين من جماعة العمارين المتحصنين بجبال القلالة البحرية وقد قتلوا بعض رجال التجريدة إلى جانب قتل حصان قائد الجند لسهولة إصابتهم من بين صخور الجبال وهم في الوادي، فعادت التجريدة دون جدوى ولم يظفروا بشيء، فجن جنون إبن شديد وأرسل قوة أخرى من الهجانا أو الخيول فقام العمارين بقتل حصان القائد بعد أن وثب على الجبل فسمي حتى الآن منقز الحصان. فلما تحيَّر ابن شديد قرر الاستعانة ببدو العميرات من قبيلة الحويطات القاطنين في شمالي شرق الصف بمحافظة الجيزة وكان على رأسهم سعيد العميري، وقد اصطحب سعيد بعض رجال العميرات الأشداء من ذوي البأس والشجاعة وعاهد ابن شديد أن يأتي بجميع الجناة أو يموت في سبيل ذلك، فلما أشرفوا على جبل القلالة البحرية شمال وادي الرشراش والذي يعتصم به العمارين، قابل هؤلاء الرجال قريب لهم عاقل من بدو عشيرة العميرات في وادي الحي ويقع شرق قرية الحي وهو واد يصب في النيل ويقع شمال مدينة الصف بشرق الجيزة، فقال متهكمًا ساخرًا موجهًا سؤاله لسعيد ورجاله العميرات: يا بني عمي هل أحضرتم معكم شبك؟ قالوا: لا، ولماذا الشبك؟ قال: أنتم في حاجة ماسة له حتى تحملوا رجالكم القتلى فيه ما دمتم قاصدين العمارين الذين نهبوا قافلة الحجاج، لأنكم لن تصلوا إليهم في القلالة وسوف يتصيدكم
(١) اطلعت على محضر مؤرخ عام ١٩٣١ م موجود لدى شيخ العمارين في السويس أن ديرة العمارين تقع شمال وادي الرشراش في القلالة وتمتد شالًا حتى ديار الحويطات البحرية، وهذا كان محضر صلح بين العمارين التابعين للحويطات (عمدية ابن شديد) وبين المعازة الساكنين قبلي الوادي.