ركاب المركب وكان به أميرة من أسرة محمد علي باشا مصر، وقد نهب رجال من العمارين والحساني وأبو مكفرة وكلها بطون من بدو المعازة، نهبوا ما في المركب من أموال وذهب ومؤن وخطفوا هذه الأميرة ومن معها من النساء وأسروهن فترة معهم في الصحراء ودفنوا المجوهرات والحلي في جبل القلالة البحرية وبعدها تركوا الأميرة ومن معها في أطراف القاهرة، وكانت تلك الأميرة قد تعرفت على جميع الرجال الذين سرقوها وأسروها ونالوا منها كل مرادهم، فأبلغت الخديوي الذي أعطى أمرًا صارمًا إلى عمدة عرب المعازة أن يسلم هؤلاء الرجال وإلا سوف يقبض عليه ويضرب عنقه وكان يسمى صقر الحساني من الحساسين، فتمكن في عدة أيام أن يقبض هو وأعوانه على المشاغبين ومنهم أولاد عمه الحساني وأبو مكفرة ولم يتمكن من العمارين الذين هربوا من وجهه شمال جبال القلالة ودخلوا بلاد الحويطات، أما الحساني وأبو مكفرة فقد زج بهم في السجن وظلوا فيه حتى وافتهم المنية بعد عدة سنوات، وأما العمارين فقد توجهوا إلى قرية أجهور الصغرى بالقليوبية وطنبوا أي طلبوا العون من عمدة الحويطات، "ابن شديد الموسي" وكان داهية من دواهي العربان وبه فطنة وذكاء خارق وإلى جانب أن له مكانة لدى الخديوية لأنه الساعد الأول من العربان لأسرة محمد علي باشا، فقال لهم ابن شديد: يا عمارين إذا فككت رقابكم من السلطة تكونوا تابعين لي في الصحراء وتدخلوا تحت عمدية الحويطات؟، قالوا له: نحن طوع أمرك فإن شيخنا أو عمدتنا من المعازة لم يجد لنا حيلة ويطارد فينا خوفًا من الحاكم، قال ابن شديد: لاعليكم وهيا نذهب إلى الحاكم ثم تضعوا ثقتكم في الله وتواجهوه بجسارة ثم بعد أن تمثلوا أمامه تحلفوا برأسه العزيزة وتقسموا بحياته قائلين: "وحياة رأسكم يامولانا احنا ما تقينا ولا بقينا إلا اللي في القلالة خلينا". والقلالة المقصود بها الجبل المعروف غرب خليج السويس، وهنا يظهر أن هذا القَسَم الذي لقنه لهم ابن شديد فيه خدعة للحاكم لأنهم فعلًا لم يبق معهم شيء من المجوهرات إلا في بطن الجبل وقد دفنوه!، ودخلت الحيلة على الخديوي وإرضاء لصديقه ابن شديد قال للسلحدار المرافق ورجل الشرطة: بدو عمارين يُك ليمان!، يعني ليس عبيهم جُرم فلا يدخل منهم أحد في السجن مثل البدو الآخرين من عرب المعازة، وقد سارع ابن شديد ليؤكد براءة هؤلاء الرجال وقال للخديوي: يامولانا هؤلاء من الحويطات