للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيس بن بُهْثَة بن سُلَيْم قاتِل بن الصِّمَّة الجُشَمي في هَوَازِن يوم أوطاس) (١). وقد مَرَّتْ بنا ترجمته في فصل: (صحابة من بني سُلَيْم)، وهناك أوردنا ما ذكره صاحب (الاستيعاب) من أن قتله لدريد بن الصِّمَّة كان يوم حُنَيْن، وقد أدركه فيه فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة، فإذا برجل فأناخ به، فإذا شيخ كبير وإذا هو دريد، ولا يعرفه الغلام، ثم ضربه بسيفه فلم يُغْنِ شيئًا، قال دريد: بئسما سلحتك أمك، خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل، ثم اضرب به، وارفع عن العظم واخفض عن الدماغ، فإني كذلك كنت أضرب الرجال، فإذا أتيت أمُّك فأخبرها أني قتلت دُرَيْد بن الصِّمَّة، فرب والله يوم قد منعتُ فيه نساءك من سُلَيْم، ولما رجع ربيعة إلى أمِّه أخبرها بقتله إياه، فقالت: أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثًا (٢).

ويدلنا فحوى هذه القصة على استشراء الفوضى في بلاد العرب في جاهليتهم القريبة من الإسلام، وأن القتل لديهم لسبب موجب أو لغيره كان أمرًا مألوفًا وسنَّة متبعة وعادة سائدة، وإلا لماذا قَتَلَ الغلامُ ربيعَةُ بن رفيع أو الربيع بن ربيعة السُّلَمي هذا الشيخ الكبير في غير ترة ولا معركة ولا خصومة أو مطمع؟.

الشريد السُّلَمي

الشريد السُّلَمي كان بقية أهل بيته، وسمِّي لذلك بالشريد، وكانت له مزرعة كبيرة عرفت في التاريخ باسم "ثنية الشريد"، وكان فيها أعناب ونخل لَمْ يُرَ مثلها، وحينما قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة طلب المزرعة من صاحبها فأبى، ثم إن الشريد ركب ذات يوم إلى مزرعته فوجد عُمَّاله في الشمس فقال لهم: ما لكم؟ فقالوا له: نسجم البئار، فركب إلى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين إنه لَمْ يزل في نفسي منعي إياك ما طلبت مني فهو لك بما أردت، فكتب إلى ابن أبي أحمد: أن يدفع إليه الثمن، قال: وسمعتهم يُكثِّرونه جدًّا، فقال له ابن أبي أحمد: إن أمير المؤمنين لَمْ يَسُمْكَ بها وهي على هذه الحال، فقال: إني رجوت حين صار أمري إليك التيسير عليَّ. فدفع إليه الثمن (٣).


(١) جمهرة أنساب العرب - لابن حزم، ص ٢٦٢.
(٢) الاستيعاب، ص ٤٩١، الجزء الثاني.
(٣) وفاء الوفاء - للسمهودي، ص ١٠٦٦ و ١٠٦٧، الجزء الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>