ومما يلفت نظر القارئ والمتتبع لأخبار تلك القبيلة وعادتها وشجاعة نسائها النادرة التي حدثت في الجاهلية بين امرأة من بني تميم تدعى (الحمراء) من بني دارم مع أحد ملوك المناذرة والتي وقعت بينهم الحرب في يوم أوارة المشهور بين بني دارم وعمرو بن المنذر الذي استولى فيه على العرش من سنة ٥٩٣ هـ أي قبل الهجرة بنحو ٦٠ سنة لأن المنذر بن ماء السماء كان قد وضع ابنه مالكا عند زرارة ابن عبدس التميمي لتربيته وتنشئته على العادات العربية والفروسية فظل عندهم حتى بلغ مبلغ الرجال فأغراه الشباب يوما فنحر بكرة لرجل من بني دارم فلما قام زرارة من نومه وعلم بالخبر شد على مالك فقتله فثارت الفتنة بين الفُرس وتميم وغزا الملك بني دارم من بني تميم فكان ممن وقع في السبي (الحمراء) عقيلة زعيمهم زرارة بن عبدس وقبل أن يقتلها الملك جرت بينهما المحاورات العديدة الآتية:
إذ قال الملك: إني لأظنك أعجمية (١) لأنه رأى لونها أشبه بلون الأعاجم. قالت: ما أنا أعجمية ولا ولدت في الأعاجم وقالت:
إني لبنت ضمرة بن جابر … ساد معدا كابرا عن كابر
إني لأخت ضمرة بن ضمرة … إذا البلاد لفعت بجمرة
قال الملك من زوجك. قالت: هوذة بن جرول.
قال لها: وأينه الآن أما تعرفين مكانه؟ قالت: هذه كلمة أحمق، لو كنت أعرف مكانه حال بيني وبينك.
قال لها: وأي رجل هو؟ قالت: هذه أحمق من الأولى.
قال الملك: أما والله لولا مخافتي أن تلدي مثلك لصرفت النار عن وجهك.
قالت: والذي أسأله أن يضع وسادك ويخفض عمادك ويصغر حصانك ويسلب بلادك، ما قتلت إلا نساء أعلاها ثدي وأسفلها حلي والله ما أدركت ثأرا
(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٣٥٧.