للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد اللَّه (*) بن طاهر الخزاعي

هو عبد اللَّه بن طاهر بن الحسين بن مُصعب بن رزُيق بن ماهان الخزاعي أبو العباس، وعبد اللَّه وقومه خُزَاعيون بالولاء، إذ كان جدهم رزيقًا مولى لطلحة الطلحات الخزاعي والي سجستان، وأصل عبد اللَّه من "بادغيس" بخراسان، كان أبو العباس عبد اللَّه بن طاهر سيِّدًا نبيلًا عالي الهمة شهمًا، فهو وأهله نشأوا في ظل القيادة العباسية، وأخلصوا لها؛ لذلك كان الخليفة المأمون كثير الاعتماد عليه حسن الالتفات إليه لذاته، ورعاية الحق والده وما أسلفه من الطاعة في خدمته.

ولد عبد اللَّه بن طاهر سنة اثنتين وثمانين ومائة، وتأدب في صغره وقرأ العلم والفقه وسمع من وكيع وعبد اللَّه المأمون، وروى عنه إسحاق بن راهويه وهو أكبر منه، ونصر بن زياد وخَلْقٌ سواهم. وكان بارعا في الأدب حسن الشِّعر وتقلَّد الأعمال الجليلة، ولَّاه المأمون الشام حربًا وخراجًا فخرج من بغداد إليها واحتوى عليها، ثم ولَّاه مصر ودخلها في يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرةً ومائتين فقمع المفسدين بها ومهَّدَ البلادَ ورتب أحوالها وأقام على إمرة مصر سنة واحدة وخمسة وعشرة أيام وخرج منها لخمس بقين من شهر رجب سنة اثنتي عشرة ومائتين بعد أن طرد منها عُبيد اللَّه بن السري واستخلف على مصر عيسى بن يزيد الجُلُودي، وركب البحر وتوجه إلى العراق، فلما قارب بغداد تلقاه العباس ولدُ الخليفة المأمون والمعتصم محمد أخو المأمون وأعيان الدولة وقدم عبد اللَّه بغداد وبين يديه المنغلبون على الشام ومصر مثل ابن أبي الجمل وابن أبي أسقر وورد (الصقر) وغيرُهما، فأكرمه المأمون ثم ولَّاه بعد ذلك خُراسان وفي خُراسان كسّرَ الملاهي وعمر الرِّباطات ووقف لها الوقوف وافتدى الأسرى من الترك بنحو ألفي درهم، وكانت سيرته محببًا عادلًا عظيم الهيبة حسن المذهب شجاعًا مقدامًا، ولما مات خلّف في بيت ماله أربعين ألف ألف درهم سوى ما في بيت مال العامة وكانت وفاته بمرو في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين وله ثمان وأربعون سنة (١).


(*) تاريخ بغداد ٩/ ٤٨٣؛ النجوم الزاهرة ٢/ ١٩١ وفيات الأعيان ٣/ ٨٣ المحبر ٣٨٦، انظر تاريخ الطبري ج ٨ وج ٩ والكامل في التاريخ ج ٦، وج ٧، والديارات ومروج الذهب.
(١) النجوم الزاهرة ٢/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>