للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما قاله الشريف محمد بن منصور المغربي عن قبائل البربر (١):

[أقسام البربر]

لم يلفت النظام القبلي السائد في الشمال الأفريقي أنظار الأمم والشعوب التي اتصلت بسكانه قبل العرب؛ فلهذا كانت تطلق عليهم كلمة بربر دون تمييز بين طائفة تعيش على نمط من الحياة وبين طائفة أخرى تعيش على نمط غيره، والتقسيم الوحيد الذي أثر عنها كان يتعلق بالبلاد لا بالسكان، ويقوم على اعتبارات جغرافية وإدارية، لا على اعتبارات اجتماعية وقبلية، وربما يرجع سبب ذلك إلى أن تلك الأمم كانت بعيدة عن البداوة لا تعرف المجتمعات القبائلية ولا تتفهم طبائع أهلها، أو أنها لم تحتك بالبربر احتكاكا كبيرًا ولم يتغلغل سلطانها إلى داخل البلاد.

أما العرب الذين جاءوا إلى بلاد المغرب في أواخر القرن السابع الميلادي فإنهم فهموا الحياة فيها حق الفهم، إذ وجدوها لا تختلف عن حياة بلادهم في شيء، كما أنهم توغلوا في داخليتها وخالطوا قبائلها وساكنوهم وصاهروهم وعاشوا وإياهم في كنف الإسلام متساوين، فلهذا كانت لهم نظرة أخرى إلى البربر غير نظرة الأمم والشعوب التي تعرَّفت عليهم قبلهم، وفهم آخر لمجتمعهم غير فهمهم، وتقسيمات أخرى غير تقسيماتهم تقوم على اعتبارات قبلية لا على اعتبارات جغرافية أو إدارية تبعًا لذلك.

لقد قسم الإغريق والرومان البلاد المغربية إلى أفريقيا ونوميديا وموريطانيا قيصرية وأخرى طنجيطانية، وجيتوليا، وحافظ العرب على روح هذا التقسيم لما جعلوها مشتملة على مغرب أقصى ومغرب أوسط ومغرب أدنى (أو إفريقيا) وصحراء، ولكنهم زادوا على هذا التقسيم الترابي فقسموا السكان أنفسهم إلى بربر بتر، وبربر برانس.

وقد وقف الباحثون العصريون حيارى أمام هذا التقسيم الجديد من العرب يحاولون أن يجدوا له تعليلا أو تأويلا، ويتساءلون عن الأسس التي بناها العرب عليه وميزوا بها بين طائفتين مختلفتين من السكان، فعلى أساس وجود بربر من


(١) عن قبائل المغرب ط أولى ١٩٦٨ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>