للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلتُ بمالك عمرًا وحِصنًا … وخَلّيتُ القتام على الخدود

وكُرْزًا قد أبأتُ به شُرَيْحًا … على أثر الفوارس بالكَديِدِ

جزيناكم بما انتهَكوا، وَزدنا … عليه ما وجدنا من مزيدِ

جلبنا من جنوب الفرد جُرْدًا … كَطَيْرِ الماء غلَّسَ بالورودِ (١)

[يوم بئر معونة]

قدم أبو بَراءِ عامرُ بن مالك ملاعب الأسنة الكلابي من بني عامر (هوازن) في السنة الرابعة من الهجرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وقارب الإسلام، وطلب من النبي أن يبعث رجالًا، من أصحابه إلى أهل نجد، ليدعوهم إلى الإسلام، وقال: أنا جار لهم. فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - المنذرَ بن عمرو في أربعين رجلًا من أصحابه، فساروا حتى نزلوا بئر معونة - وتقع بين أرض بني عامر وَحَرَّة بني سُلَيْم - فقام حرام بن مِلْحَان حتى أتى حوَاءً - مجتمع بيوت الحي - منهم فاحتبى أمام البيوت وقال: يا أهَلَ بئر معونة!، إني رسول محمد إليكم، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فآمِنُوا بالله ورسوله. فخرج إليه عامر بن الطفيل الكلابي من كِسْر البيت - جَاَنِبِه - برمح، فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر، فقال حرام بن ملحان: فُزْتُ ورب الكعبة، واتبعوا أثرهُ حتى أتوا أصحابه، واستعانوا عليهم بقبائل من بني سُلَيْم: عُصُيَّة ورِعْلٍ وذكوان، وخرجوا جميعًا حتى غَشَوُا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم، وقاتلهم المسلمون قتالًا عارمًا حتى قُتلوا عن آخرهم، ما عدا كعب بن زيد النَّجَّاري، فإنهم تركوه وبه رمق، فارتُثَّ من بين القتلى - أي سلم وهو مثخن بالجراح - وعاش حتى قُتل يوم الخندق، وما عدا عمرو بن أمية الضمَّري من كنانة الذي أُسر وأطلَق عامر بن الطفيل سراحه لأنه من مُضَر. وقد شق على أبي براء - مُجِيرِ البعثة النبوية - ما حدث من عامر بن الطفيل وحرضه حسان بن ثابت الأنصاري شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عامر بن الطفيل في شعر منه قوله:


(١) العقد الفريد، لابن عبد ربه، ص ١٧٦ و ١٧٧، الجزء الخامس، طبع مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة، وكتاب أيام العرب الجاهلية، لمحمد أحمد جاد المولى، وعلي محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ص ٣٢٠ و ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>