المدينة له، وحين أسلموا ظلت هذه التحالفات قائمة، كما كان بعض البلويين يقيمون في المدينة حين هاجر إليها الرسول كحلفاء لبعض بطون الأنصار من الأوس والخزرج، فلمّا أسلم هؤلاء أسلموا وكانوا من أوائل الصحابة الذين حسن إسلامهم، وقاتلوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر وما بعدها، وحين أرسل عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل، كان يتوقع أن يكون البلويون الشماليون عونًا له في حروبه ضد الروم ومن حالفهم من العرب، لما كان بينه وبين قومهم القاطنين في الحجاز من صلات ود وتآزر، حتى أن جيش عمرو كان يضم بعض البلويين الشماليين، وأن الرسول قد أوصاه أن يستعين بمن مر به من العرب - كما أسلفنا - وقد حقق عمرو بعض النجاح في هذا المجال، ولم تمض أشهر قليلة على ذات السلاسل حتى كان وفد من بلي يزور الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عام الوفود ويقدم له فروض الطاعة والولاء ويعلن إسلامه، وقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحمد لله الذتي هداكم للإسلام، فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار" ثم ودعوا رسول الله بعد أن أجارهم ورجعوا إلى بلادهم.
[بلي بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -]
حين انتقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جوار ربه وقامت حركة الردة، وجد عرب شمال الحجاز فرصة سانحة للعودة إلى ما كانوا عليه من ولاء لبيزنطة، هذا فضلا عن تمسك بعضهم بالنصرانية التي كانت دينهم، لكن المهم في الأمر أن عرب شمال الحجاز هؤلاء لم يكونوا عنيفين في ردتهم، كما كانت الحال بالنسبة لبعض المرتدين في أماكن أخرى في الجزيرة العربية، ولم يشغلوا بال الخليفة أبي بكر وذلك بسبب الموقع الجغرافي، وأخل أمرهم إلى زمن لاحق، وأولى اهتمامه إلى من شكلوا خطرا على دولة الإسلام من عرب نجد واليمن. وهكذ فإن عمليات عسكرية صغيرة كانت كافية لأبي بكر - رضي الله عنه - لاستعادة السيادة على