للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الهجرة إلى مصر، ونَقلهم العزيز بالله هم وبنو هلال من هوازن إلى الصعيد بمصر بالعدوة الشرقية من نهر النيل فأقاموا هناك (١)، ثم عاد أمرهم إلى التجميد، وربما إلى الشغب أيضًا وشنِّ الغارات والإخلال بالأمن، مما حمل العُبيديين على استغلال طاقتهم الكبيرة في القضاء على دولة ابن باديس بالقيروان والمهدية على أثر إعلانه الانفصال عن دولة العبيديين وخلع طاعتهم.

وفي إفريقية انتشروا انتشارًا كبيرًا، وكانت لهم أحداث جسام ومثيرة هنالك ذكرها المؤرخون (٢)، ولم يتمكن السُّلَميون ولا الهِلَاليون من إقامة دولة لهم في أرض المغرب، ولكنهم تمكنوا من نشر لواء اللغة العربية وثبَّتوا لهم مكانة مرموقة في الأوساط الاجتماعية، واندمج كثير منهم في الأهلين فيما بعد، ونبغ فيهم العلماء وربما كبار التجار والمزارعين والصناع، كما نبغ مثل ذلك منهم في الشام وغير ديار الشام، ولا ندري ما هي البواعث التي دفعتهم في أوائل القرن الثاني عشر الهجري أو دفعت بالكثير منهم إلى الهجرة مرة أخرى من بلاد المغرب إلى مصر بصفة جماعية، كما نزحوا من مصر إلى أقطار المغرب سابقًا في منتصف القرن الخامس الهجري، وفي مصر بعد ذلك كانت منهم قبائل عديدة منها أسر معروفة، وخاصة في الشرقية وناحية الفيوم والمنيا في الصعيد.

أما بنو سُلَيْم في مساكنهم الأصلية في الحجاز فقد ظل الانكماش ملازمًا لهم بعد ضربة الواثق لهم بأمد لا نعرف مداه، واستمر هذا الانكماش أو هذا الهبوط الاجتماعي طيلة دويلات الطوائف، وطيلة عهد الأشراف، وأخيرًا بدأ فجر اليقظة والانفتاح لبني سُلَيْم في عهد الدولة السعودية الحاضرة.

وثيقة سُلَمية تحدد بعض ديارهم

حينما شرعتُ في تأليف هذا الكتاب، جعلت نصب عيني تضمينه بعض وثائق بني سُلَيْم الخاصة بديارهم، وكنت قد علمت من بعض كبارهم خلال رحلتي إلى بلادهم، عدم وجود حجج شرعية بالمعنى الرسمي المفهوم لدينا، وهو


(١) ابن خلدون، ص ٢٨، المجلد السادس من العبر، طبع بيروت، وعبد المجيد عابدين في تعليقاته على كتاب البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب للمقريزي، ص ١٢٦.
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>