هيئتها الآنفة الذكر، سهل فسيح خال من الأشجار، ثم تري بعد قليل تلا منطرحا في الأرض، تراه على يمينك وسرعان ما يختفي عن بصرك.
[وادي الضبعية]
إن أول ما يبدو أمامك من معالم هذا الوادي خط أخضر ممتد، تشكله فروع الدوح بخضرتها الناصعة، إنها أشجار الطلح الضخمة وغابات السلم الملتفة مكونة خطا مديدا، وكأنما كست ضفاف هذا الوادي برداء سندسي أخضر، تبدو لك ذوائبها من وراء تحدب هذه الصحراء قد ازدان بها بطن هذا الوادي العميق وتحلت ضفافه، إن القمر يغني على أفنانها والطيور كالنشوى مترنم على فروعها، هذا الوادي العميق الذي تنجذب أعاليه من مرتفعات الجبال تمده روافده من متفرعاتها، فيندفع صوب الشرق مفتريا هذه الصحراء وفي أعلاه قرية داخلة فيه لا تراها ببصرك تدعى الشطبة، ورغم أنها كانت بلدة قديمة فإنها قد أصبحت خالية مهجورة وهي في واد عميق يلتقي بوادي الضبعية ويندمج فيه، وقد أقيم على هذا الوادي جسر عظيم لعبور الطريق.
فإذا خرجت من هذا الوادي ونكبت معالمه انداحت الصحراء مرة أخرى مترامية الأطراف مقفرة الأرجاء وتنكب على يسارك السلسلة المتطاعنة الآنفة الذكر، وتبدو أمامك من ناحية اليمين قارة تقلها الصحراء من بعد على تيار مائج من السراب وكأنما بدا لك قرن شامخ، وتشاهد على يسارك قرنا صغيرا له رأس محدد ولكنك عندما تحاذيهما تجد أنهما صغيران ملتصقان في ظهر الصحراء، وتنكب هذا الأعلام يمينا وشمالا والصحراء على صفتها السابقة لا تحدها حدود ولا تميزها أعلام ولا تحددها معالم، جوانبها مكشوفة ومتنها عار وظهرها محدب، مفتوحة من كل صوب، لا ترى ببصرك إلا أرضا جرداء وسماء زرقاء وشجيرات من السمر متفرقة تراها بين حين وآخر تتخللها شجيرات صغيرة من الطلح.
[وادي العجلية]
بعد أن يتقدم بك الطريق في هذا الصحراء وبعد أن تسير فيها برهة من الوقت تبدوأمام بصرك أشجار الطلح ذات الفروع الخضراء الجميلة والسيقان