على العدو من إرهاقه وإدخال الفزع في نفوس أفراده مما يخفض روحهم المعنوية. وكذلك ما يقع لأفراد العصابات من تدمير أحيانًا على يد كمائن العدو بالإضافة إلى صعوبة تموينها تموينًا منتظمًا، فإذا أخذنا هذه النقاط وغيرها بعين الاعتبار أدركنا أن قبيلة حرب خدمت الثورة العربية الكبرى خدمة لم يخدمها غيرها، وإذا عرفنا أن الثورة أدت في البعيد الأجل مكاسب للعرب ما كانوا ليحصلوا عليها دونها، إذا عرفنا هذا كله فإن هذه القبيلة - بالنتيجة - خدمت العرب خدمة تتناسب مع موقعها وأرومتها العربية الأصلية، فإذا كان التأريخ قد أخذ عليها في الماضي بعض الهنات فإنها قد عوضت وأطفحت المكيال.
[القسم الثاني من تأريخ حرب]
هو ما أسميته بالتأريخ العائم، أي غير المكتوب، وهذا القسم يتمثل في أيامها مع القبائل المجاورة، وقبل البدء بسرد هذه الوقائع نشير إلى مواقع هذه القبائل وأماكن سكناها حتى يتصور القارئ مواقع القتال ويستطيع الحكم على أسبابها.
تتصل بديار حرب ديار تسع قبائل عربية، منها القوية والمتوسطة والضعيفة. وقد تعاملت قبيلة حرب مع جميع هذه القبائل ولها معها تاريخ يتناقله الأحفاد عن الأجداد وكأنه حدث بالأمس. ففي الجنوب تجاور قبيلة حرب قبيلتا هُذَيْل وخُزاعة، فالأولى تضرب شبه دائرة حول مكة، وكانت إلى القرن السابع الهجري تصل ديارها إلى وادي غُران شمالًا، أما اليوم فيفصل بينها وبين حرب وادي مر الظهران. أما قبيلة خزاعة فإنها قبيلة صغيرة تنقسم إلى قسمين: حضر يسكنون دف خزاعة بمر الظهران (٢٠ كم شمال غربي مكة)، وبدو يسكنون البر جنوب غربي مكة.
وفي الشرق يجاور حربًا ثلاث قبائل هي من الجنوب إلى الشمال على